فإن المشي إلى الصلوات في المساجد عبادة جليلة، وقربة عظيمة، لها ثمرات طيبة
وآثار مباركة على الشخص، ولاسيما إذا خرج من منزله متطهرًا لا يخرجه إلا الصلاة.
فهو صدقات موفورة، وحسنات مكتوبة، ودرجات مرفوعة، ومحو للخطيئات، وضيافة
في الجنة، ووراثة للفردوس الأعلى منها، جعلنا الله تعالى - بمنه وكرمه - من الفائزين
بذلك:
1-أما كونه صدقات موفورة؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم في حديث السلامى: «وبكل
خطوة نمشيها إلى الصلاة صدقة».
2-وأما كونه حسنات مكتوبة؛ فلما ثبت في الصحيحين من غير وجه عنه صلى الله عليه
وسلم قال: «لم يخطُ خطوة إلا كتبت له حسنة ومُحيت عنه سيئة».
3-وأما كونه درجات مرفوعة؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على ما يمحو
الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟»، قالوا: بلي يا رسول الله، قال: «إسباغ الوضوء
على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد».
4-وأما كونه محوًا للخطيئات؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم في الحديثين السابقين:
«يمحو الله به الخطايا»، وقوله: «ومُحيت عنه سيئة».
5-وأما كونه ضيافة في الجنة؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم: «من غدا إلى المسجد
أو راح أعد الله له نزلًا - يعني: ضيافة - في الجنة كلما غدا أو راح».
6-وأما كونه وسيلة لوراثة الفردوس الأعلى منها؛ فلأن الله تعالى حين أمر الرجال
بالمحافظة على الصلوات، فالمراد مع الجماعـة في المساجد، والله تعالى قال:
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 9 - 11]
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «من سره أن يلقى الله غدًا
مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن فإن الله تعالى شرع
لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد
الذي يؤذن فيه».
فلهذه الأجور العظيمة وغيرها، قال صلى الله عليه وسلم: «أعظم الناس أجرًا في
الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم»؛ لأنه كلما بعد ممشاه عظم حظه من هذه الأجور
فهلم أخي إلى المساجد للصلوات، ولا تكن ممن استحوذ عليه الشيطان فأنساه ذكر
الله تعالى.
شرح الله صدورنا للهدى وعصمنا من مضلات الفتن واتباع الهوى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.