فقد جاء الإرشاد الرباني الكريم لأهل الإيمان السائلين عن الرحمة في ثنايا آيات
الصيام إذ يقول الحق سبحانه: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ
الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، ولعل من فائدة ذلك إغراء الصائمين بدعاء
الله تعالى في سائر الأوقات، وخصوصًا في نهار الصيام وليله؛ فإن الصائم مبارك.
ووقت الصوم مبارك وقد قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر» وفي حديث آخر: «ثلاث دعوات مستجابة»، وذكر منها: «دعوة
الصائم».
وفي حديث حسن عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول إذا أفطر: «ذهب الظمأ
وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله» وكان يقول: «اللهم لك صمت وعلى رزقك
أفطرت».
والأدعية المأثورة الواردة في القرآن والسنة كلها مشتملة على التوجيه إلى طلب سَنِيِّ المراتب وجليل المطالب وأكمل الثناء والعناية بالأولويات والمهمات ففي الدعاء بها أخذ
بأجمع الأدعية مع الأدب مع الله تعالى ومراعاة المناسبات فينبغي حفظ ما تيسر منها،
والدعاء به، مع الإخلاص لله تعالى وكمال التضرع والافتقار، والحذر من الغفلة التي يبتلى
بها بعض الناس حيث ينشغلون بالمتاع الدنيوي عن الزاد الحقيقي، ومفاتيح خزائن الخير
ومغاليق أبواب الشر، والفرصة الخيرة إذا سنحت كثرت العوارض دونها إلا لمن عُني
بالمجاهدة لله تعالى فإنه فائز بهداية الله تعالى ومعيته.