في نور القرآن:
- يقول الله تبارك وتعالى: "إنَّ الذي فَرَضَ عليك القرآنَ لرادُّكَ إلى مَعادٍ قُل رَّبِّي
أعلم مَن جاء بالهدَى ومن هو في ضلال مُبين (85) وما كنت ترجو أن يلقى
إليك الكتاب إلا رحمةً من رَّبك فلا تَكُونَنَّ ظهيرًا للكافرين (86) ولا يَصُدَّنَّكَ عن
آياتِ الله بعد إذ أنزِلَت إليكَ وادعُ إلى ربِّكَ ولا تكونَنَّ من المشركين(87)ولا تَدعُ
مَع اللَّهِ إلهًا آخرَ لا إلهَ إلا هُو كُلُّ شَيءٍ هالكٌ إلا وجهَهُ لهُ الحُكمُ وإليهِ تُرجَعُون
(88)". من سورة القَصَص.
**هوامش**
- إن الذي فرض عليكَ القرآن : أي اللهَ الذي أنزل عليك القرآن ، وفرض عليك
قراءتَه، والعملَ بما فيه، وتبليغَه.
- لرادُّكَ إلى معاد:أي لمُرجِعُكَ إلى مكَّة فاتحًا؛ إذ معادُ الرجل بلده الذي يعودُ إليه.
- وما كنت ترجو: أي تأمل أن يُنزَّلَ عليك القرآن ويوحَى إليك.
- إلا رحمة من رَّبِّك: أي لكن رحمةً من الله وفضلًا أنزله عليك.
- فلا تكونَنَّ ظهيرًا: أي فمِن شُكرِ هذه النعمة ألَّا تكون معينًا للكافرين.
- ولا يصُدَّنَّكَ:أي لا يَصرِفَنَّكَ أحدٌ عن العمل بآيات الله بعد أن شرَّفَكَ الله بإنزالها عليك
- وادعُ إلى ربِّكَ: أي ادعُ الناس إلى الإيمان بالله وعبادته وتركِ الشرك به.
- ولا تدعُ معَ الله إلهًا آخرَ: أي لا تعبد مع الله بدعائه والذبح والنذر له.
- كلُّ شيءٌ هالكٌ: أي فانٍ.
- إلا وجهَه: أي اللهَ سبحانه وتعالى، فلا يَهلك حاشاهُ كما يَهلِكُ ما عداه.
** معنى الآيات **
- تقدَّمَ في السياق الكريم الدعوة إى أصول الدين الثلاثة: التوحيد، والنبوة، والبعث
والجزاء وهذه خاتِمة ذلك في هذه السورة الكريمة فقالإن الذي فرض عليك القرآن) أي أنزله عليك وفرض عليك تلاوتَه وتبليغَه والعملَ بما فيه، ((لرادُّكَ إلى مَعاد)) أي
لمُرجِعُكَ إلى مكة بعد خروجك منها واشتياقِكَ إلى العودة إليها، وإلى الجنَّة بعد وفاتكَ
لأنَك دخلتَها ليلة عُرِجَ بك إلى السماء، وفي هذا تقرير لنبوته صلى الله عليه وسلم
بالوحي إليه.
- وقوله جلَّ شأنهقل رَّبي أعلمُ مَن جاءَ بالهُدَى ومن هو في ضلال مبين) فإنه تعليمٌ له صلى الله ليه وسلم بما يرُدُّ به على المشركين الذين اتهموه بأنه ضالٌّ في دعوته
وخروجِه عن دين آبائه وأجداده - علَّمَه أن يقول لهم: ربِّي أعلم مَن جاء بالهُدَى وهو
أنا، رسولُ الله، ومن هو في ضلالٍ مُبِين وهو أنتم أيُّها المشركون.
- وقوله تعالى: ((وما كنت ترجو أن يُلقَى إليك الكتاب إلا رحمةً من رَّبِّك)) أي وما
كنت يا محمد تأمل أن يُنَزَّل عليك القرآن، وذلك قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، لكن
رحمةٌ من ربِّك اقتضت إنزاله عليك لتكون رسول الله للعالمين، وهي نعمة كبيرة وإفضال
عظيم فاشكره بما يلي:
1- ((فلا تكونَنَّ ظهيرًا للكافرين)) أي عونًا لهم بحالٍ من الأحوال.
2- ((ولا يصُدَّنَّكَ عن آيات الله بعد إذ أنزِلَت إليك)) فتترَكَ تلاوتَها وإبلاغَها والعملَ
بها. .. وفي هذا تقرير للنبوة المحمديَّه.
3- ((وادعُ إلى ربِّك)) أي ادعُ الناسَ إلى توحيدِ ربِّك والعملِ بشرعه.
4- ((ولا تكونَنَّ من المشركين)) أي فتتبرَّأ منهم ولا ترضى بشركهم وادعُهم إلى
خلافه وهو التوحيد الخالص لله ربِّ العالمين.
5- (ولا تدعُ مع الله إلهًا آخرَ لا إله إلا هو) أي لا تعبد مع الله إلهًا آخر لا بالدعاء
ولا بالنذر ولا بالذبح ولا بتقديم أي قربان أو طاعةٍ لغير الله سبحانه وتعالى، وفي هذا
تقرير للتوحيد بإبطال أن يكون هناك إلهٌ مع الله ..
- وقوله تعالى: كلُّ شيء هالك إلا وجهَه: إخبار منه تعالى بأن كلَّ عمل لا يراد به وجهُ
الله فهو باطل ذاهب بلا مثوبة عليه كما أن كلَّ شيء سوى الله عزَّ وجلَّ فانٍ، ولا يبقى
إلا اللهُ سبحانه وتعالى، وذلك كقوله تعالى: ((كل من عليها فان ويبقى وجهُ ربِّكَ ذو
الجلال والإكرام)). الرحمن26
- له الحُكم: أي القضاء العادل بين عباده.
- وإليه تُرجعون: أي بعد الموت للحساب والجزاء يومَ بعثكم وحشركم إليه عزَّ وجلَّ
وفي هذا تقرير للبعث والجزاء، والحمد لله أوَّلًا وآخِرًا.
** المصدر: تفسير (أيسر التفاسير للجزائريّ).