كبر موسى في بيت فرعون وبلغ أشده وكان يعلم أنه ليس ابناً لفرعون إنما هو
واحد من بني إسرائيل .
وكان يرى اضطهاد فرعون وأتباعه لبني إسرائيل..وفي أحد الأيام وجد رجلاً من
اتباع فرعون وهو يقتتل مع رجل من بني إسرائيل ، واستغاث به الرجل الضعيف
فتدخل موسى وضرب بيده الرجل الظالم فقتله .
كان موسى قويا جداً ولم يكن يقصد قتل الظالم لكن ضربته هذه قتلته .. ففوجئ
موسى به وقد مات وقال لنفسه: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ).
ودعا موسى ربه: (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي).
وغفر الله تعالى له ، (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
أصبح موسى (فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ )وكان هذا حال موسى مطارد خائف
يتوقع الشر في كل خطوة .
ووعد موسى بأن لا يكون ظهيرا للمجرمين .. ولن يتدخل في المشاجرات بين
المجرمين والمشاغبين ليدفع عن أحد من قومه.
وفوجئ موسى أثناء سيره بنفس الرجل الذي أنقذه بالأمس وهو يناديه ويستصرخه
كان الرجل مشتبكا في عراك مع أحد المصريين.. وأدرك موسى بأن هذا الإسرائيلي
مشاغب ..وأنه من هواة المشاجرات.. وصرخ موسى في الإسرائيلي يعنفه فيما اندفع
نحوهما يريد البطش بالمصري .. واعتقد الإسرائيلي أن موسى سيبطش به هو..
فدفعه الخوف من موسى لاسترحامه
وذكّره بالمصري الذي قتله بالأمس .. فتوقف موسى وسكت عنه الغضب وتذكر ما
فعله بالأمس ، وكيف استغفر وتاب ووعد بأن لا يكون ظهيرا للمجرمين ..
استدار موسى عائداً ومضى وهو يستغفر ربه.
وأدرك المصري الذي كان يتشاجر مع الإسرائيلي أن موسى هو قاتل المصري
الذي عثروا على جثته أمس .. فنشر هذا المصري الخبر في أرجاء المدينة ..
وانكشف سر موسى وظهر أمره .
وجاء رجل مصري مؤمن من أقصى المدينة مسرعاً .. ونصح موسى بالخروج
من مصر، لأن المصريين ينوون قتله.
خرج على الفورخائفاً يتلفت ويتسمع ويترقب . وفي قلبه دعاء
(رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
ظل يسير بنفسية المطارد حتى وصل إلى مدين .. وجلس يرتاح عند بئر
عظيمة يسقي الناس منها دوابهم .
ولاحظ موسى جماعة من الرعاة يسقون غنمهم ووجد امرأتين تكفان غنمهما
أن يختلطا بغنم القوم ، أحس موسى أن الفتاتين في حاجة للمساعدة فتقدم
منهما وسقى لهما الغنم وعاد للجلوس تحت ظل الشجرة .
عادت الفتاتان إلى أبيهما الشيخ (النبي شعيب) وأخبرتاه بما حصل فأرسل في
طلبه .. فحدثه موسى بقصته فقال الشيخ:
هذه البلاد لا تتبع مصر، ولن يصلوا إليك هنا .
اطمأن موسى ، وزوجه الشيخ إحدى ابنتيه بشرط أن يعمل في رعي غنمه ثمان
أو عشر سنوات .