حكم مصر ملك جبار أجبر المصريون على عبادته . ورأى هذا الملك بني إسرائيل
يتكاثرون ويملكون ، وهم يتحدثون عن نبوءة تقول إن واحداً من بني إسرائيل
سيسقط فرعون مصر عن عرشه ويقتله ..
فأصدر أمره بأن لا يلد أحد من بني إسرائيل ، أي أن يقتل أي وليد ذكر.. وقال
له مستشاروه إن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم ، والصغار يذبحون
وهذا سينتهي إلى إفناء بني إسرائيل فستضعف مصر لقلة الأيدي العاملة بها .
والأفضل أن تنظم العملية بأن يذبحون الذكور في عام ويتركونهم في العام الذي
يليه ، ووجد فرعون أن هذا الحل أسلم فوافق عليه .
وحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا يقتل فيه الغلمان فولدته علانية آمناً ..
فلما جاء العام الذي يقتل فيه الغلمان ولدت موسى فخافت عليه من القتل وراحت
ترضعه في السر.. ثم أوحى الله إليها .. فأرضعته ووضعته في الصندوق ..
وذهبت به إلى شاطئ النيل وألقته فيه.. وحملته المياه لقصر فرعون .
وفي ذلك الصباح خرجت زوجة فرعون تتمشى في حديقة القصر.. وكانت عاقراً
تتمنى أن يكون عندها ولد .. فعندما رأت موسى بداخل الصندوق أحست بحبه
في قلبها ، فحملته ، واستيقظ موسى وبدأ يبكي يريد الرضاعة ..
فأمرت بإحضار المراضع فرفض أن يرضع منهن وربط الله على قلب أم موسى
فهدأت واستكانت وتركت أمرها لله وقالت لأخته: اذهبي بهدوء إلى جوار قصر
فرعون وحاولي أن تعرفي ماذا حدث لموسى وإياك أن يشعروا بك .
وذهبت أخته ورأتهم حائرين برضاعته وسمعت أنه قد رفض كل المراضع
فقالت لهم:هل أدلكم على أهل بيت يرضعونه ويكفلونه ويهتمون بأمره ويخدمونه
ففرحت زوجة فرعون كثيراً لهذا الأمر وطلبت منها أن تحضرالمرضعة فأحضرت
أمه لترضعه فرضع وشبع فتهللت زوجة فرعون وقالت: "خذيه حتى تنتهي
فترة رضاعته وأعيديه إلينا بعدها وسنعطيك أجراً عظيماً على تربيتك له".
وهكذا رد الله تعالى موسى لأمه كي تقر عينها ويهدأ قلبها ولا تحزن ولتعلم أن
وعد الله حق .
أتمت أم موسى رضاعته وأعادته لبيت فرعون لتبدأ مرحلة تربيته في قصر الطاغية
وكان القصر يضم أعظم المربين والمدرسين في ذلك الوقت.. وهكذا شاءت حكمة
الله تعالى أن يتربى موسى أعظم تربية وأن يتعهده أعظم المدرسين وأن يتم هذا
كله في بيت عدوه الذي سيصطدم به فيما بعد تنفيذاً لمشيئة الخالق .