مات فرعون مصرغرقاً أمام عيون المصريين وبني إسرائيل .
وكانت معجزة شق البحر لم تزل طرية بأذهانهم ، حين مروا
على قوم يعبدون الأصنام فالتفتوا إلى موسى وطلبوا منه أن
يجعل لهم إلها يعبدونه ، وعاودهم الحنين لأيام الشرك القديمة
التي عاشوها في ظل فرعون. واستلفتهم موسى إلى جهلهم هذا .
وكانت مواعدة الله لموسى ليلقاه ، لقد كانت فترة الإعداد ثلاثين
ليلة ، أضيف إليها عشر، فبلغت عدتها أربعين ليلة، يروض موسى
فيها نفسه على اللقاء الموعود ؛ وينعزل فيها عن شواغل الأرض .
قال المفسرون:فصامها موسى عليه السلام وطواها فلما تم الميقات
استاك بلحاء شجرة ، فأمره الله أكمال العشرة أربعين.
واستخلف في قومه أخاه هارون عليه السلام.
ثم يتلقى موسى عليه السلام بشرى الاصطفاء والتوجيه له بالرسالة
إلى قومه .
ثم يبين الله تعالى مضمون الرسالة ففيها كل شيء يختص بموضوع
الرسالة وغايتها من بيان الله وشريعته والتوجيهات المطلوبة لإصلاح
حال هذه الأمة وطبيعتها التي أفسدها الذل وطول الأمد
انتهى ميقات موسى مع ربه ، وعاد وقد علم من ربه أنباء تسوءه
فينقلب إلى قومه غضبان أسفاً .. وهو يحمل ألواح التوراة .
فلم يكد موسى يغادر قومه إلى ميقات ربه ..
حتى وقعت فتنة السامري ، وتفصيلها أن بني إسرائيل حين
خرجوا من مصر، صحبوا معهم كثيرا من حلي المصريين
وذهبهم ، فأخذها السامري ، وصنع منها تمثالا لعجل مجوف
من الداخل ، ووضعه في اتجاه الريح ، بحيث يدخل الهواء
من فتحته الخلفية ويخرج من أنفه فيحدث صوتا يشبه خوار
العجول الحقيقية .
ويقال أن السامري كان قد أخذ قبضة من تراب سار عليه
جبريل عليه السلام حين نزل إلى الأرض بمعجزة شق البحر
وكان جبريل لا يسير على شيء إلا دبت فيه الحياة .
فلما أضاف السامري التراب إلى الذهب وصنع العجل خار العجل
كالعجول الحقيقية .
بعد ذلك، خرج السامري على بني إسرائيل بما صنعه..
فسألوه: ما هذا يا سامري؟
قال: هذا إلهكم واله موسى
قالوا: لكن موسى ذهب لميقات ربه .
قال السامري: لقد نسي موسى فذهب للقاء ربه هناك بينما
ربه هنا.
وهبت موجة من الرياح فدخلت من دبر العجل الذهب
وخرجت من فمه فخار العجل . وعبد بنو إسرائيل هذا العجل .