القصيدة الثالثة: حيا بكور الحيا أرباع لبنان
حَيّا بَكورُ الحَيا أَرباعَ لُبنانِ – * – * – * – * – وَطالَعَ اليُمنُ مَن بِالشَأمِ حَيّاني
أَهلَ الشَآمِ لَقَد طَوَّقتُمُ عُنُقي – * – * – * – * – بِمِنَّةٍ خَرَجَت عَن طَوقِ تِبياني
قُل لِلكَريمِ الَّذي أَسدى إِلَيَّ يَدًا – * – * – * – * – أَنّى نَزَحتَ فَأَنتَ النازِحُ الداني
ما إِن تَقاضَيتُ نَفسي ذِكرَ عارِفَةٍ – * – * – * – * هَل يَحدُثُ الذِكرُ إِلّا بَعدَ نِسيانِ
وَلا عَتَبتُ عَلى خِلٍّ يَضِنُّ بِها – * – * – * – * ما دامَ يَزهَدُ في شُكري وَعِرفاني
أَقَرَّ عَينِيَ أَنّي قُمتُ أُنشِدُكُم – * – * – * – * – في مَعهَدٍ بِحُلى العِرفانِ مُزدانِ
وَشاعَ في سُرورٌ لا يُعادِلُهُ – * – * – * – * – رَدُّ الشَبابِ إِلى شَعري وَجُثماني
لي مَوطِنٌ في رُبوعِ النيلِ أُعظِمُهُ – * – * – * – وَلي هُنا في حِماكُم مَوطِنٌ ثاني
إِنّي رَأَيتُ عَلى أَهرامِها حُلَلاً – * – * – * – * – مِنَ الجَلالِ أَراها فَوقَ لُبنانِ
لَم يَمحُ مِنها وَلا مِن حُسنِ جِدَّتِها – * – * – * – عَلى التَعاقُبِ ما يَمحو الجَديدانِ
حَسِبتُ نَفسي نَزيلًا بَينَكُم فَإِذا – * – * – * – أَهلي وَصَحبي وَأَحبابي وَجيراني
مِن كُلِّ أَبلَجَ سامي الطَرِف مُضطَلِعٍ – * – * – * بِالخَطبِ مُبتَهِجٍ بِالضَيفِ جَذلانِ
يَمشي إِلى المَجدِ مُختالًا وَمُبتَسِمًا – * – * – * – * – كَأَنَّهُ حينَ يَبدو عودُ مُرّانِ
سَكَنتُمُ جَنَّةً فَيحاءَ لَيسَ بِها – * – * – * – * – عَيبٌ سِوى أَنَّها في العالَمِ الفاني
إِذا تَأَمَّلتَ في صُنعِ الإِلَهِ بِها – * – * – * – * – لَم تَلقَ في وَشيِهِ صُنعًا لِإِنسانِ
في سَهلِها وَأَعاليها وَسَلسَلِها – * – * – * – * بُرءُ العَليلِ وَسَلوى العاشِقِ العاني
وَفي تَضَوُّعِ أَنفاسِ الرِياضِ بِها – * – * – * – * – رَوحٌ لِكُلِّ حَزينِ القَلبِ أَسوانِ
أَنّى تَخَيَّرتَ مِن لُبنانَ مَنزِلَةً – * – * – * – * – في كُلِّ مَنزِلَةٍ رَوضٌ وَعَينانِ
يا لَيتَني كُنتُ مِن دُنيايَ في دَعَةٍ – * – * – * – * قَلبي جَميعٌ وَأَمري طَوعُ وِجداني
أَقضي المَصيفَ بِلُبنانٍ عَلى شَرَفٍ – * – * – * – * وَلا أَحولُ عَنِ المَشتى بِحُلوانِ.