{ و لا تجسسوا } الحجرات .
والتجسس قد يكون هو الحركة التالية للظن وقد يكون حركة ابتدائية لكشف العورات .
والقرآن يقاوم هذا العمل الدنيء من الناحية الأخلاقية لتطهير القلب من مثل هذا
الاتجاه اللئيم لتتبع عورات الآخرين وكشف سوأتهم .
وتمشيا مع أهدافه في نظافة الأخلاق والقلوب .
ولكن الأمر أبعد من هذا أثرا .
فهو مبدأ من مبادئ الإسلام الرئيسية في نظامه الاجتماعي وفي إجراءاته
التشريعية والتنفيذية .
إن للناس حرياتهم وحرماتهم وكراماتهم التي لا يجوز أن تنتهك في صورة من
الصور ولا أن تمس بحال من الأحوال .
ففي المجتمع الإسلامي الرفيع الكريم يعيش الناس آمنين على أنفسهم ، آمنين
على أسرارهم ، آمنين على عوراتهم ، آمنين على بيوتهم .
ولا يوجد مبرر – مهما يكن – لانتهاك حرمات الأنفس والبيوت والأسرار والعورات .
حتى ذريعة تتبع الجريمة وتحقيقها لا تصلح في النظام الإسلامي ذريعة للتجسس على
الناس .
فالناس على ظواهرهم وليس لأحد أن يتعقب بواطنهم وليس لأحد أن يأخذهم إلا
بما ظهر منهم من مخالفات وجرائم وليس لأحد أن يظن أو يتوقع ، أو حتى يعرف
أنهم يزاولون في الخفاء مخالفة ما ، فيتجسس عليهم ليضبطهم ..
وكل ما له عليهم أن يأخذهم بالجريمة عند وقوعها وانكشافها مع الضمانات الأخرى
التي ينص عليها بالنسبة لكل جريمة .
وعن مجاهد :
" لا تجسسوا ، خذوا بما ظهر و دعوا ما ستر "
وعن معاوية بن أبي سفيان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" إنك أن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم "