كانَ الإمَامً أحمدُ بْنُ حنْبَلَ يُرِيدُ أنْ يَقْضِيَ لَيْلَتَهُ في المَسْجِدِ، ولكنْ مُنِعَ مِنَ
المَبِيتِ فيهِ بِواسِطَةِ حَارِسِ المسْجِدِ، حَاوَلَ مَعَهُ الإمامُ ولكنْ لَا جَدْوَى فقالَ
لَهُ الإمام: سأنَامُ مَوْضِعَ قَدَمِي.
وبالفِعْلِ نَامَ الإمامُ أحمدُ بنُ حنبَلَ مَكانَ مَوضِعِ قدَمَيْهِ، فقَامُ حارِسُ المَسْجِدِ
بِجَرِّهِ لإِبْعَادِهِ مِنْ مَكانِ المسجِدِ، وكانَ الإمامُ أحمدُ بْنُ حنبَلَ شَيخًا وقُورًا تَبْدُو
عليْهِ ملامِحُ الكِبَرِ فرَآهُ خَبَّازٌ وهوَ يُجَرُّ بِهذِهِ الهَيْئَةِ، فَعَرضَ عليْهِ المَبِيتَ مَعَهُ
فذَهَبَ الإمامُ أحمدُ بْنُ حنبَلَ معَ الخبَّازِ، الذِي أكْرَمَهُ ونعَّمَهُ، ثم ذَهَبَ الخبَّازُ
لتَحْضِيرِ عَجِينَهٍ لِعمَلِ الخُبْزِ، فَسَمِعَ الإمَامُ أحمدُ بْنُ حنبَلَ الخبَّازَ يَسْتَغْفِرُ ويَسْتَغْفِرُ
ومَضَى وقْتٌ طَويلٌ وهوَ علَى هذِهِ الحَالِ، فتعَجَّبَ الإمامُ أحمدُ بْنُ حنبَلَ ، فلمَّا
أصْبَحَ سَألَ الإمامُ أحمدُ الخبازَ عنِ اسْتِغْفَارِهِ في الليْلِ، فأجابَهُ الخبازُ: أنَّهُ طَوَالَ
مَا يُحَضِّرُ عَجِينَة ويَعْجِنُ فَهُوَ يسْتَغْفِرُ.
فَسألَهُ الإمامُ أحمدُ: وهلْ وجدْتَ لاسْتِغْفَارِكَ ثمَرَةً؟
والإمامُ أحمدُ سألَ الخبازَ هذَا السؤالَ وهوَ يعْلَمُ ثمَرَاتِ الاسْتِغْفَارِ وفَضْلَهُ وفَوَائِدَهُ.
فقالَ الخبازُ: نَعَم ، واللهِ مَا دَعَوْتُ دَعْوَةً إلَّا أُجِيبَتْ، إلَّا دَعْوَةً وَاحِدَةً.
فَقالَ الإمامُ أحمدُ: وما هيَ؟
فقالَ الخباز: رُؤْيَةُ الإمامِ أحمدَ بْنِ حنبَلَ.
فقالَ الإمام أحمدُ: أنا أحمدُ بْنُ حنبلَ، واللهِ إنِّي جُرِرْتُ إليْكَ جَرًّا.