يُحكى أن أحدَ الملوك تأخرتْ زوجته في إنجاب وليِّ العهد
فأرسل في إثر الأطباءِ من كل أرجاءِ المملكة وكتب اللهُ أن يُجري شفاءُ
الملكة على أيديهم فحمَلَتِ الملكةُ بوليِّ العهد وطار الملك بذلكَ فرحاً وأخذ
يعد الأيام لمقدَمِ الأمير وعندما وضعت الملكةُ وليدها كانت دهشةُ الجميع
كبيرة فقد كان المولودُ بأذنٍ واحدة
انزعج الملكُ لهذا وخشي أن يصبحَ لدى الأميرِ الصغير عقدةٌ نفسية
تحُوْلُ بينه وبين كرسيِّ الحكم فجمع وزراءَهُ ومستشاريه وعرضَ عليهم
الأمر فقام أحدُ المستشارين، وقال له:
الأمرُ بسيطٌ أيها الملك
اقطع أُذناً واحدةً من كل المواليد الجُدد، وبذلك يتشابهون مع سمو الأمير
أُعجب الملكُ بالفكرة
وصارت عادةُ تلك البلاد أنه كلما وُلد مولودٌ قطعوا له أُذناً وما إن مضت
عشرات السنين حتى غدا المجتمعُ كله بأذنٍ واحدة.
وحدث أن شابًّا حضر إلى المملكة وكان له أذنانِ كعادة البَشر فاستغرب سكانُ
المملكةِ من هذه الظاهرةِ الغريبة وجعَلوه محطَّ سخرية وكانوا لا ينادونهُ إلا:
"ذا الأذنين"
حتى ضاق بهم ذرعاً وقرر أن يقطع أذنهُ ليصبح واحداً منهم
••••
نستخلصُ من هذه القصةِ الرمزية عدةَ دروسٍ وعبر:
الدرس الأول:
يمكن لمجتمعٍ ما أن يكون معاقاً بالكامل وهذا حدث آلاف المراتِ في تاريخ
البشرية فاللهُ جلَّ جلالهُ كان يرسل الأنبياءَ ليصحِّحوا إعاقاتِ المجتمعات الفكرية
والسلوكيةِ والدينية.
فمجتمعُ نبيِّ الله إبراهيم عليه السلام كان معاقاً بالشرك، وكان بينهم غريباً لأنه
لم يكن يمارس إعاقتهم.
ومجتمع نبي الله لوط عليه السلام كان معاقًا بالشواذ، وكان بينهم غريبًا لأنه لم
يكن يمارس إعاقتهم.
الدرس الثاني:
لدينا قاعدةٌ فقهية تقول: إجماع الناس على شيء لا يحلُّه.
الخطأ يبقى خطأً ولو فعلَه كل الناس والصواب يبقى صواباً ولو لم يفعله أحد
الدرس الثالث:
لا تقطع أُذنك إذا كنت على يقينٍ أنك على صوابٍ فلا تتنازل عنه لإرضائهم
إذا كانوا لا يخجلون بخطئهم، فلما تخجل أنت بصوابك؟
وتذكَّر دوماً أن "أكثر الناس" ما جاءت في كتاب اللهِ إلا وتبعها:
﴿ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
﴿ لَا يَتَّقُونَ ﴾
﴿ لَا يَعْقِلُونَ ﴾
﴿ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.