إن تكرار قوله تعالى: {وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ}
إنما يدل على جملة من الحقائق.
أولها:
أنه لولا فضل الله تعالى وإنعامه بما شرع لعباده مما دلهم عليه من اللعان لمن
يرمون أزواجهم بالفاحشة ولولا رحمته تعالى بهم وإرادته الخير والستر لكانت
المؤاخذة كبيرة والعقوبة منه أليمه، ولكنه سبحانه توّاب يتوب على من تاب حكيم
في شرعه وسائر أمره.
ثانيها:
أنه لولا فضل الله تعالى ورحمته بالذين جاءوا بالإفك واتهموا أم المؤمنين السيدة
عائشة رضي الله عنها بما هي بريئة ومبرأة منه لولا فضله تعالى ورحمته لأوقع
بهؤلاء الأفاكين عذاب عظيم في الدنيا والآخرة لعظم ما ارتكبوه من القول والإثم
الذين حسبوه هينا وهو عند الله عظيم.
ثالثها:
أنه كذلك لولا فضله ورحمته تعالى بالذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين
آمنوا لأنزلبهم سوء العذاب في الدنيا والآخرة لعظم هذا الجرم. الذي يجب عليهم
أن يحذروه ولا يحبه ربنا ولا يرضى عن ذيوعه في الناس لعظيم خطره.
رابعها:
أنه لولا هذا الفضل وتلك الرحمة ما قبل الله من أحد من هؤلاء توبة وما زكى وطهر
منهم من أحد أبدا، ولكنه سبحانه يزكي ويطهر من الدنس والخطايا من يشاء من
عباده النادمين، التائبين المنيبين إليه وهو سميع الدعاء عليم بالضمائر والقلوب
والله تعالى أعلم.