{ يتلو عليهم آياته و يزكيهم } آل عمران .
لو تأمل الإنسان هذه المنة وحدها لراعته وهزته حتى ما يتمالك أن ينصب قامته
أمام الله ، حتى وهو يقف أمامه للشكر والصلاة .
ولو تأمل أن الله الجليل – سبحانه – يتكرم عليه ، فيخاطبه بكلماته . يخاطبه ليحدثه
عن ذاته الجليلة وصفاته ، وليعرفه بحقيقة الألوهية وخصائصها .
ثم يخاطبه ليحدثه عن شأنه هو – هو الإنسان – هو العبد الصغير الضئيل وعن حياته
وعن خوالجه ، وعن حركاته وسكناته .
يخاطبه ليدعوه إلى ما يحييه وليرشده إلى ما يصلح قلبه وحاله ، ويهتف به إلى جنة
عرضها السماوات والأرض .
فهل هو إلا الكرم الفائض الذي يجري بهده المنة وهذا التفضل ، وهذا العطاء ؟ .
إن الله الجليل غني عن العالمين .
وإن الإنسان الضئيل لهو الفقير المحووج ..
ولكن الجليل هو الذي يحفل هذا الضئيل ، ويتلمسه بعنايته ، ويتابعه بدعوته ..
والغني هو الذي يخاطب الفقير ويدعوه و يكرر دعوته .
فيا للكرم ويا للمنة ويا للفضل والعطاء الذي لا كفاء له من الشكر والوفاء .
ويزكيهم .
يطهرهم ويرفعهم وينقيهم .
يطهر قلوبهم وتصوراتهم ومشاعرهم ..
و يطهر بيوتهم وأعراضهم وصلاتهم ..
و يطهر حياتهم ومجتمعهم وأنظمتهم ..
يطهرهم من أرجاس الشرك والوثنية والخرافة والأسطورة ومن دنس الحياة الجاهلية .