كلما ازداد العبد قرباً من الله: بالإيمان به والتحقق بحقائقه ومعرفته بالله ومحبته
والإنابة إليه وإخلاص العمل لهحصل له الخير والسرور واندفعت عنه أنواع الشرور
وزالت عنه المخاوف وسهلت عليه صعاب الأمور.
وهذا هو المعنى الذي أراد الله بقوله لموسى:
{ لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء }
( النمل : 10_11 )
ويدل على هذا قوله (لا يخاف لدي) ولم يقل لايخاف مني أي لاخوف ينال من
مننت عليه بأكمل الحالات وأشرف المراتب وهي الرسالة ،ولكل مؤمن نصيب من
هذا بحسب ما قام به اتباع المرسلين
ويدل أيضا أن المراد هذا المعنى العام الحسن الجليل لأن السياق والقرينة تدل
عليه دلالة بينة فإن الخوف الصادر من موسى إنما وقع لما رأى عصاه تهتز
كأنها جان فخاف حينئذ من تلك الحية
بحسب الطبعة البشرية فأعلمه الله تعالى أن محل القرب من الله لايليق ولا يكون
فيه خوف وإنما فيه الأمن التام ولهذا قال في الآية الأخرى { أقبل ولا تخف إنك
من الآمنين } ( القصص:آية31 )
ويدل على هذا المعنى ما دل عليه الاستثناء في قوله { إلامن ظلم ثم بدل حسنا بعد
سوء فإني غفور رحيم }
فإن الاستثناء ميزان العموم والأصل أن يكون من جنس المستثنى منه
فالمعنى { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئم لهم الأمن وهم مهتدون }
(الأنعام :آية 82 )
فإن ظلموا أنفسهم ثم رجعوا إلى ربهم وبدلوا سيئآتهم حسنات رجعوا إلى مرتبتهم
وأزال عنهم الغفور الرحيم موجب الظلم والإساة ، والله أعلم.