يرتبط الناس فيما بينهم بالعديد من الصلات والعلاقات المشتركة التي تجمعهم في كيان أو
مسمّى اجتماعيّ مشترك فهُناك الصلات المتصّلة بالنسب كعلاقة الأبوّة والبنوّة والأخوّة وما
يتصل بها من الأعمام والأخوال وأبنائهم وبناتهم فهذهِ علاقات أساسها رابط النسب والميلاد
وهُناك روابط تجمع بين الناس دون نسب أو مصاهرة كعلاقات الزملاء في العمل بحكم
الوظيفة العامّة أو الخاصّة وقد ترتقي مع الزمن لتتعدّى خارج حدود الوظيفة لتكون صداقة
حقيقيّة.
يستخدم مصطلح الصداقة أو الصحبة للتدليل على العلاقة التي تحدث بين شخصين أو
أكثر تجمعهم اهتمامات مشتركة وروابط وهموم ونقاط التقاء جعلت منهم روحاً واحدة
في أجساد شتّى، فالصاحب الحقيقيّ هو الذي يتمنّى الخير والسعادة لرفيقه ويكون خير
عون لهُ على تلافي الوقوع فيما يضرّه و يسوئه.
أهميّة الصداقة
من أهمّ ما تتميّز به الصداقة الحقيقيّة هو أنها البيئة المناسبة للترويح عن النفس وبثّ
الهموم ومحاولة إيجاد الحلول لها من قبل الصديق المستمع، كما لها دور في الاستفادة
من وجهات النظر المتبادلة.
تقوية نوازع الخير وتأصيل العمل الخيريّ وهذا يتمّ من خلال الصحبة الصالحة التي
تهدف دوماً إلى الاستقامة وتضبط المسار عليها، فالإنسان بمفرده أحياناً تعتريه موجات
الضعف ازاء ما يحيط به من شرور ومساوئ، ولكن مع وجود الصحبة الصالحة فإنّها
بمثابة القوة الدافعة للعمل المثمر الصالح.
الصداقة الحقيقية تفيد في قضاء الحاجات، فأنت عندما تلجأ لصديقك حين الحاجة فهذا
يسهّل عليك الكثير بدلاً من بقائك منفرداً دون أعوان.
نصائح لتميّز صديقك من عدوّك
ليكن لديك ميزان واضح تقوم بعرض الناس عليه حتّى لا تُسيء إليهم من خلال الحٌكم
عليهم من خلال أهوائك الشخصيّة فقط، فأحيانا قد نحكم على الآخرين بأحكام جائرة
بمجرّد أنّهم خالفوا ما نُحبّ، بل يجب أن نقيس أفعالهم بناءً على ميزان المجتمع السائد
وميزان الدين وميزان المنطق وأيضاً من خلال تقدير الظروف التي تُحيط بالشخص.
الصديق الصدوق هوَ الذي يدلّك على الخير ولو كانَ مُخالفاً لرغبتك، فلا تغضب أو
تتضايق من شخص يدلّك على خير، حتّى لو كانَ أسلوبه جافّاً بعض الشيء فصديقك
ليس هو الذي يضحك دائماً وإنّما صديقك الذي يصارحك ويضع الحقيقة نصب عينيك
دائماً، وعدوّك هوَ الذي يزيّن لكَ الباطل والشرّ ولا يهمّه أين ذهبت بكَ السُبُل.
صديقك هوَ من تجدهُ حين تحتاج إليه، فيقولون دوماً الصديق وقت الضيق، وهو الذي
يبتدرك بالمساعدة إن وقعت في مأزق ما، ولا نقول أنَّ الذي يتراخى في عونك هوَ
عدوّ لكَ وإنّما تكون قد حجبته عنك ظروف تمنعه من عونك، ولكن من كانَ ديدنهُ
دوماً يراك عالقاً في مشاكل ومآزق ويستطيع نصركَ ولا ينصرك ولا يعينك فثق تماماً
أنّهُ ليس بصديق وإنّما بصاحب مصلحةٍ وقد يكون عدوّاً بغيضاً في أغلب حالاته.