المذاهب الأربعة في الإسلام هي عبارة عن آراء، وأحكام كبار شيوخ الإسلام في بعض المسائل
الفقهيّة التي لم يجد لها النّاس حكماً في القرآن، ولا في السّنة، ففي الإسلام أحكام ثابتة لا
تتغيّر، وقد وردت في القرآن، أو في أحاديث النبي صلّى الله عليه وسلم، ولكنّ مع تغيّر الزمن
، واتّساع رقعة الإسلام، ظهرت العديد من المسائل التي تحتاج لحكم شرعي، وقد دعى الإسلام
إلى الاجتهاد في هذه المسائل، ومحاولة استنباط الحكم الصحيح لها، فأخذ مجموعة من شيوخ
الإسلام على عاتقهم توضيح الأحكام الشرعيّة، بيان حكمها، وقد انتهجوا في ذلك ما عمل به
التّابعين في التّحري والاستقصاء، ومن أهمّ هؤلاء الشّيوخ الذين عرفوا بتقواهم، وعلمهم،
واجتهادهم:
المذهب الحنفيّ
كان أبو حنيفه يعرض على تلاميذه المسألة ويناظرهم ويحاورحم بشأنها؛ ممّا أدّى إلى تكوّن
شخصيات تلاميذه في حياته، وفي ظلّ توجيهاته، وينتشر هذا المذهب في الأردن، وفلسطين
ومصر والباكسان غيرها، وقد نقل عن أبو حنيفه على طريقته في الاجتهاد، فمن ذلك أنّه
قال: (آخذ بكتاب الله إذا وجدت فيه الحكم، وإلّا فبسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإن
لم أجد آخذت بقول الصحابة، آخذ بقول من شئت منهم، وأدع من شئت).
المذهب المالكيّ
كان الإمام مالك يبتعد في تدريسه عن الجدل ولغو الكلام، وعرف في درسه بالسّكينة
والوقار، وكان عالماً مهيباً نبيلاً ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط، ورفع الصوت
ومن أشهر كتب المذهب المالكيّ الموطأ الذي ألفه الإمام مالك بنفسه، وينتشر المذهب
المالكي في المغرب، ومصر، وأغلب أفريقيا، وغيرها من الاقطار.
المذهب الشافعي
تيسر لإمام الشافعي الاطلاع على المذاهب المعروفة في زمانه، فكان فقيهاً جامعاً بين
مدرسة الحديث، ومدارس أهل الرأي ووسطاً بينهما. ألف الشافعي كتاب الرسالة في
أصول الفقه وكتاب الأم في الفقه وكان رحمه الله يعلّم تلاميذه طرق الاستنباط؛ ويبيّن
في كتاب الرسالة أنّ مذهبه يقوم على الأخذ بالقرآن الكريم، والسنّة النبوية، والإجماع
والقياس، وينتشر المذهب الشافعي في مصر، وفلسطين، واليمن.
المذهب الحنبلي
إمام هذا المذهب هو الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، وقد كانت طريقة الإمام أحمد قربية
من طريقة الإمام الشافعيّ؛ لأنّه تفقه على يديه، وهو فقيه بارع، وإمام في الحديث؛ وقد
ألّف المسند الذي احتوى على أكثر من أربعين ألف حديث.
الفرق بين المذاهب الأربعة
لا يوجد فرق جوهري بين هذه المذاهب، فكلها تعود لشيوخ كبار في الإسلام، وجميهم
اتّبعوا المنهج نفسه الذي سبقهم فيه من قبلهم من التّابعين في استنباط الأحكام
الإسلاميّة التي لم يجدون فتوى فيها، وقد اشتركو في الأسلوب، فأخذوا من القرآن، ثمّ
السّنة، ثمّ تفقّهوا بآراء من سبقهم من الصّحابة، ثمّ اجتهدوا، وهو الأسلوب الصحيح
في الإفتاء، والاختلاف بينهم هو حكمهم في بعض الأمور البسيطة مثل:
أكل الحيوانات البحريّة، والبرمائيّة، فقد حرّم الشافعي أكل الحيوانات البرمائيّة كسرطان
البحر، بينما أجازها ابن حنبل، وأجاز أكله دون تذكيّة.
التيمّم، فقد أفتي ابن حنبل بوجوب مسح الوجه والكفين مرّة واحدة في التراب، بينما
باقي الأئمة، رأو بأنّ من الواجب مسح الوجه مرّة، واليدين إلى المرفقين مرتين.
زكاة المال، فقد أفتى الشافعيّ بأن الزكاة تجب على الأموال المشتركة إذا بلغت في مجموعها
النصاب، أمّا أبو مالك، والحنفي فأوجباها عندما يبلغ كل من الشركين النصاب.
وجوب الحج، فقد أوجب الحنفي، وابن حنبل الحج على الفور عند الاستطاعة، أمّا الشافعي
فأجاز التراخي. وضع مالك نصيباً للفرس في الغنائم بسهمين، والفارس بسهم، بينما أبو
حنيفة أجاز للفارس سهم، وللفرس سهم آخر، ولم يعطي البهيمة أكثر من الإنسان.