العِنادُ ظاهِرَةٌ شائعةٌ لدى الأطفالِ وهِيَ تَعبيٌر عَنِ الرَّفضِ للقيامِ بأوامِرَ الوالدينِ
وإطاعَتِهِم ، وإصرارِ الطِّفلِ على رأيهِ مَهما حاولَ الوالدانِ إثناءَهُ بالإقناعِ أو
بالإكراهِ، وهُنالِكَ أسبابٌ ودوافِعُ مُتعَدّدَةٌ تجعَلِ الطِّفلَ مولَعاً بالعِنادِ وأهَمُّها:
أولاً: الإهمالُ: يؤدّي إهمالُ الوالدينِ لشؤونِ طِفلِهِم إلى أنْ يتحوَّلَ بالتَّدريجِ إلى
شَخصٍ مُعانِدٍ وكثيرِ الإلحاحِ، ولهذا الإهمالِ أسبابٌ مُتَباينةٌ مِنها كَثرَةُ مشاكِلِهما
ومَشاغِلِهِما وعَدَمُ وجودِالوَقتِ الكافي للاهتمامِ بالأولادِ فَرداً فَرداً بالنسبةِ للأُسَرِ
الكثيرَةِ الأطفالِ، والانشغالُ بمجالسِ اللَّهوِ عَن تخصيصِ الوَقتِ الكافي لرِعايَةِ
الأطفالِ.
ثانياً: الحِرمَانُ: الحِرمَانُ بِكُلِّ أشكالِهِ يخلُقُ حالاتِ العِنادِ وخاصّةً الحِرمانُ مِن
حنانِ الأمومَةِ وَهُوَ ما يُحتَمَلُ أنْ يؤدّي في بعضِالحالاتِ إلى إيجادِ مُيولٍ عُدوانيّةٍ
وتدميريّةٍ. تشتَدُ حالةُ العِنادِ
حينَما يُدرِكُ الطّفلُ أنَّهُ قادِرٌ مِنْ خلالها على تحقيقِ مطاليبِهِ وكذا الحالُ في حِرمانِ
الطفلِ مِنَ التَّحَرّكِ وتقييدِ حُرّيتِهِ.
ثالثاً : استبدادُ الوالدينِ: في بعضِ الحالاتِ يتهرَّبُ الطّفلُ مِنْ والديهِ إذا كانا
يتّصِفانِ بالاستبدادِ ورُبَّما يكونُ على استعدادٍ للمُجازَفَةِ مِنْ أجلِ التَّخَلُّصِ مِن
هذا الوَضعِ.
رابعاً: التربيةُ السيّئةُ: يتعلّمُ الطفلُ مِنْ والديهِ في بعضِ المواقِفِ أنَّ المصاعِبَ
والمشاكِلَ تُحَلُّ عَن طريقِ القُوّةِ ، أضِفْ إلى أنَّ الطبيعةَ الإكتسابيّةَ عندَ الطفلِ
تجعَلُهُ في وضعٍ نفسيٍّ يُملي عَليهِ اتِّباعَ هذا السّلوكِ وذاكَ والفارِقُ الوحيدُ بينَ
سُلوكِهِ وسُلوكِهِما هُوَ أنَّهُما يمتلِكانِ القُدرةَ والقُوّةَ والقابليّةَ على الاستبدادِ بينَما
هُوَ قاصِرٌ عَنْ ذَلكَ.
خامساً: الولادَةُ الجديدةُ : يبدأُ عِنادُ الطفلِ أحياناً مُنذُ ولادَةِ طِفلٍ جَديدٍ لأسرَتِهِ
لأنَّ المولودَ الجديدَ يستحوِذُ على الجانبِ الأكبرِ مِنْ رِعايةِ واهتمامِ الوالدينِ.
والطِّفلُ بطبيعَتِهِ عاجِزٌ عَن طرحِ موضوعِ تَعَسُّفِ وتمييزِ الوالدينِ ممّا يدفَعُهُ
الى التعبيرِ عَنْ عُقَدِهِ الداخليّةِ بواسِطَةِ العِنادِ والتَّمَرُّدِ أيْ أنَّ الحَسَدَ والمُنافَسَةَ
تُعَدُّ مِنْ عَوامِلِ عِنادِ الأطفالِ.