نتيجة العلاقة المباشرة بين الصيام والجهاز الهضمي هناك سؤلا دائما ما يطرح نفسه
مع بداية شهر الصوم حول تأثير الصيام على الجهاز الهضمي؟ والواقع أنه لا تأثير
للصيام على الجهاز الهضمي السليم إذ أن جسم الإنسان له القدرة على التكيف
والتأقلم حسب الظروف، بل من الملاحظ طبياً أنه عندما يتعرض الإنسان السليم لأي
توعك صحي نفسي وظيفي أو عضوي ينعكس ذلك على جهازه الهضمي وقد يشعر
بالغثيان أو التقيؤ وقد يصاب بالمغص أو الإسهال وذلك ناتج عن تأثير جهازنا
العصبي والهرمونات على الجهاز الهضمي وهنا يكون العلاج هو الطلب من المريض
الامتناع عن الأكل والشرب، وكثيرا من الناس يعملون بهذا الإجراء دون استشارة
الطبيب
والعوارض المرضية التي تصيب الصائمين خلال شهر رمضان المبارك يمكننا أن
نقسمها إلى قسمين:
• العوارض أو الأمراض الوظيفية وهي ناتجة عن اضطرابات فسيولوجية بسيطة
تحصل في الأيام الأولى من الصيام وتكون ناتجة عن التغيير المفاجىء في نظام الغذاء
من غياب أو فقدان وجبة الفطور، واستحداث أو إضافة وجبة السحور، والنوم بعد
السحور مباشرة،والإفراط في الطعام والشراب في وجبة الإفطار، إضافة إلى التنوع
الزائد في الطعام وإضافة المعجنات والحلويات وغيرها من أنواع الأطعمة التي تستعمل
يومياً في شهر رمضان والتغيير المفاجىء في بعض العادات مثل تناول القهوة الصباحية
وتناول الأطعمة بين الوجبات مما يؤدي إلى اضطراب وظيفي يتمثل بوجع في الرأس أو
دوخة وما إلى ذلك من أعراض سرعان ما تزول بعد مرور الأيام الأولى من الصيام.
• العوارض أو الأمراض العضوية:وهي ناتجة عن أمراض عضوية موجودة أساساً
في الجسم تزداد خلال الصيام أو تظهر عوارضها علماً أن هذه الأمراض تكون غير
ظاهرة وبدون عوارض قبل الصيام ومنها:نوبات وجع البطن الشديد وهي على أنواعها
حسب مسببات هذا الوجع أو المغص فمثلاً هناك الكثير من المرضى لا يشكون من أية
أوجاع وخلال الصيام يصابون بوجع بطن شديد(حرقة)(حموضة)( قيء) أو نوبات
مغص شديدة لوجود قرحة مزمنة في الاثنى عشر أو التهابات في المعدة أو الاثنى عشر.
والحال نفسه في نوبات المرارة ففي شهر الصيام وبسبب الإفراط في وجبة الإفطار كماً
ونوعاً تظهر عوارض المرارة الناتجة عن حصوات موجودة سابقاً في المرارة دون علم
المريض بها.
• العادات السيئة التي تشكل إحراجا طبيّاً للصائم من أهمها الإكثار من كمية الطعام
المتناول عند الإفطار مما يؤدي إلى التخمة وأحياناً القيء والانحطاط والتعب الشديدين
تناول أصناف عدة من الأطعمة لاسيما الدسمة منها ليلاً ظناً من الصائم إنها تحميه
من جوع النهار. وهذا غير صحية، تناول كميات كبيرة من السوائل ليلاً خوفاً من
العطش في النهار وهذا يؤدي إلى اضطرابات هضمية ومشاكل بولية،الاعتماد على
السكريات والحلويات الخاصة بشهر رمضان المبارك وهذا يؤدي إلى زيادة في الوزن
خلال شهر الصيام.
• بعض النصائح للصائمين
ــ يفضل الإفطار على التمر أولا فعن أنس -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-:
( من وجد تمرا فليفطر عليه و من لا فليفطر على الماء فإنه طهور )
(1)، وعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفطر قبل
أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات
من الماء
(2) فعندما يبدأ الصائم في تناول إفطاره تتنبه الأجهزة، ويبدأ الجهاز الهضمي في
عمله، وخصوصا المعدة التي تريد التلطف بها، ومحاولة إيقاظها باللين. والصائم في
تلك الحال بحاجة إلى مصدر سكري سريع، يدفع عنه الجوع، مثلما يكون في حاجة
إلى الماء.
وأسرع المواد الغذائية التي يمكن امتصاصها ووصولها إلى الدم هي المواد السكرية،
وخاصة تلك التي تحتوي على السكريات الأحادية أو الثنائية (الجلوكوز أو السكروز)
لأن الجسم يستطيع امتصاصها بسهولة وسرعة خلال دقائق معدودة . ولاسيما إذا
كانت المعدة والأمعاء خالية كما هي عليه الحال في الصائم. ولو بحثت عن أفضل ما
يحقق هذين الهدفين معا (القضاء على الجوع والعطش)فلن تجد أفضل من هدي السنة
المطهرة في تناول التمر فإن ثلثي المادة السكرية الموجودة في التمر تكون على صورة
كيميائية بسيطة تجعل عملية هضمها سهلا جدا، وهكذا يرتفع مستوى سكر الدم في وقت
وجيز.