تعدل هذا المدلول في القرن التاسع عشر فتضمن نظرية التحول القائلة بعدم ثبات
الأنواع الحية لأنهافي تطور متواصل.
*** ثقافياً ...
ليست النشوئية مقتصرة على بحث التبدّلات والتحولات في عالم النبات , والحيوان
والإنسان , كما تتبدى للمتأملين في أقوال لامارك , وداروين , عن تطور الأنواع
بل هي اتجاه فكري , ومنهجي ينطوي أصلاً على افتراض قائل بتطور منظّم في
التكتلات البشرية , وفي آثارها الثقافية, تبعا لرقيّ المدنيات.
وجاءت الداروينية فصاغت هذا التجاه في دراسة منهجية متجاوزة النطاق الأدبي
والفني , والفكري الى المخلوقات الحية كلها .
ولا ريب في أن النشوئية الثقافية , والاجتماعية أقرب الى الأفهام من النشوئية
الخاصة بالأحياء لأنها - ظاهرا - لا تصطدم بما يتراءى للعيان من ثبات الأنواع
واستمراريتها, بل تستند , في واقعها الى نماذج واضحة من تحوّلات في حياة
المجتمعات .
غير أن تطبيق القوانين العلمية الصارمة على التكتلات البشرية المختلفة الأشكال
والدائمة التبدّل أمر يكاد يكون محالا , لا سيما إذا كات الغاية القصوى من إنفاذ
هذه القوانين التوصّل الى معرفة المستقبل .
ونجم عن هذه العقبة إعادة النظر فيما يصحّ اصطناعه من مناهج في دراسة
النشوئية الثقافية , والاجتماعية , والاهتداء الى مبادئ عامة , تضاهي في
دقتها ونتائجها , الأصول العلمية الموضوعية