يخطأ النّاس أحياناً حين يظنّون أن الرّجولة والذّكورة شيءٌ واحدٌ بينما الحقيقة أنّ بينهما
فارقٌ شاسعٌ وجوهرى فكلّ رجلٍ ذكر وليس كلّ ذكرٍ رجل فالذّكورة هي مصطلحٌ عامٌ يطلق
على كلّ من ولد وعنده صفات الذّكورة الجسديّة وفي مواقف الحياة المختلفة يتبيّن لنا
الفرق بين المصطلحين مصطلح الرّجولة ومصطلح الذّكورة فحين نشاهد شاباً يدافع عن
بنتٍ في الطّريق قد تعرّضت لتحرشٍ لفظيٍّ أو جسديّ من أحد الشّباب الأرعن نقول عن هذا
الشاب إنّه رجل و حين نرى آخر يرى عجوزاً تسير وهي تحمل شيئاً ثقيلاً بيدها فيبادر
لحمله عنها نقول عنه إنّه رجل فكل ذكر تحلّى بصفات الشّهامة والمروءة والنّخوة ولم يقبل
الضيم و الهزيمة والتّخاذل ووقف مع النّاس في شدتهم وأزمتهم فنصر الضّعيف و خذ على
يد القويّ الظّالم هو رجل يستحقّ الإحترام وكلّ من تخلّى عن صفات الرّجولة طوعاً أو كرهاً
لم يصحّ أن نطلق عليه إلا وصف الذّكورة .
وقد فرّق القرآن بين الذّكورة والرّجولة ففي كثيرٍ من الآيات سمّى الله فيها من يتحلّون بأخلاقٍ
معينةٍ رجالاً فقال عن الذين لا تلهيهم التّجارة والبيع والشّراء عن الذهاب إلى المساجد واقامة
شعيرة الله الصلاة قال عنهم رجال قال تعالى " رجالٌ لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله
وإقام الصّلاة يخافون يوماً تتقلّب فيه القلوب والأبصار" وكذلك تحدّث القرآن عن الذين صدقوا
مع الله سبحانه وتعالى وكانوا على عهدهم معه فسمّاهم رجال قال تعالى" من المؤمنين رجالٌ
صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومابدّلوا تبديلا وفي آيةٍ
أخرى تحدّث القرآن عن الذي يحبّون أن يتطهرون فسمّاهم رجال قال تعالى : " فيه رجالٌ
يحبّون أن يتطهّروا والله يحبّ المتطهرين" وكذلك تكلّم القرآن عن مؤمن آل فرعون الذي
كتم إيمانه ونصح قومه وأنذرهم فقال تعالى"وقال رجلٌ مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه ..
فالرّجولة لا يستحقها إلا من توافرت عنده صفاتها ، جعلنا الله جميعاً من الرّجال المتمسّكين
بديننا و سنّة نبينا صلّى الله عليه و سلّم .