المصـــــــــــراوية
المصـــــــــــراوية

المصـــــــــــراوية

 
الرئيسيةاليوميةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سيرة الرسول محمد-ص( الغزوات الاسلامية)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صالح المحلاوى

صالح المحلاوى


اعلام خاصة : سيرة الرسول محمد-ص( الغزوات الاسلامية) 192011_md_13005803803
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 18119
تاريخ التسجيل : 15/11/2011
الموقع الموقع : المحلة - مصر المحروسة
العمل/الترفيه : اخضائى اجتماعى
المزاج : متوفي //

سيرة الرسول محمد-ص( الغزوات الاسلامية) Empty
مُساهمةموضوع: سيرة الرسول محمد-ص( الغزوات الاسلامية)   سيرة الرسول محمد-ص( الغزوات الاسلامية) I_icon_minitimeالخميس 25 أبريل 2013 - 19:30

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
===
سيرة الرسول محمد
صلى الله علية وسلم
الغزوات الاسلامبة
غزوة ذي العشيرة

santa santa



في جمادى الأولى، وجمادى الآخرة سنة 2هـ الموافق نوفمبر وديسمبر سنة 623م.
خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في خمسين ومائة ويقال: في مائتين، من
المهاجرين، ولم يكره أحداً على الخروج، وخرجوا على ثلاثين بعيراً
يتعقبونها، يعترضون عيراً لقريش، ذاهبة إلى الشام، وقد جاء الخبر بفصولها
من مكة فيها أموال لقريش، فبلغ ذا العشيرة، فوجد العير قد فاتته بأيام،
وهذه هي العير التي خرج في طلبها حين رجعت من الشام فصارت سبباً لغزوة بدر
الكبرى.
وكان خروجه صلى الله عليه وسلم في أواخر جمادى الأولى، ورجوعه في أوائل
جمادى الآخرة على ما قاله ابن إسحاق، ولعل هذا هو سبب اختلاف أهل السير في
تعيين شهر هذه الغزوة. وفي هذه الغزوة عقد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
معاهدة عدم اعتداء مع بني مدلج وحلفائهم من بني ضمرة. واستخلف على المدينة
في هذه الغزوة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومى، وكان اللواء في هذه الغزوة
أبيض، وحالمه حمزة بن عبد المطلب رضي اللَّه عنه.



غزوات عام 2 هـ
غزوه بدر
عيـر أبي سفيان وندب المسـلمين للعير


santa

عندما سمع الرسول صلى الله عليه و سلم بأبي سفيان مقبلاً من الشام في تجارة
لقريش، ندب المسلمين إليه، وقال لهم: (هذه عير قريش، فيها أموالهم،
فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها).
وفي رواية عن أبى أيوب الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
ونحن بالمدينة: (إني أخبرت عن عير أبي سفيان أنها مقبلة، فهل لكم أن نخرج
قبل هذه العير، لعل الله يغنمناها ؟ قلنا: نعم. فخرج وخرجنا معه).
إبـل المسلمين إلى بـدر
الطـريق إلى بدر
ولم يستنفر الرسول صلى الله عليه و سلم كل الناس، بل طلب أن يخرج معه من
كان ظهره حاضراً، ولم يأذن لمن أراد أن يأتي بظهره من أعلى المدينة، لذا لم
يعاتب أحداً تخلف عنها. وكان عددهم ما بين 313 وال 317 رجلاً، منهم ما بين
أل 82 وال 86 من المهاجرين و61 من الأوس و170 من الخزرج، معهم فَرَسان
وسبعون بعيراً، يتعاقب الرجلان والثلاثة على البعير الواحد. وكان أبو لبابة
وعلي بن أبى طالب زميلي رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فعندما جاء دوره
في المشي، قالا له: (نحن نمشى عنك). فقال لهما: (ما أنتما بأقوى منى ولا
أنا بأغنى عن الأجر منكما).
وفي الطريق، عندما بلغوا الروحاء، رد الرسول صلى الله عليه و سلم أبا لبابة
وأمّره على المدينة، وسبق ذلك أن جعل عبد الله بن أم مكتوم على الصلاة،
وأصبح مكانه في زمالة الرسول صلى الله عليه و سلم على البعير، مرثد بن أبى
مرثد. ولذلك فلا خلاف بين رواية ابن إسحاق ورواية أحمد.
حـذر أبي سفيـان
وعندما علم أبو سفيان بالخطر المحدق بقافلته، أرسل ضمضم بن عمرو الغفاري
إلى مكة يستنجد بقريش. وجاء ضمضم مسرعاً إلى مكة، وعندما دخلها وقف على
بعيره، وقد جدع أنفه، وحول رحله، وشق قميصه، وهو يصيح: (يا معشر قريش،
اللطيمة اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد وأصحابه، لا أرى
إلا أن تدركوها، الغوث، الغوث).
قريش تتجهـز للخروج
وخرجت قريش مسرعة لإنقاذ عيرها ورجالها، ولتلتقي بالمسلمين في حرب تراها
قاضية على قوة المسلمين التي ظلت تهدد تجارتهم. ولم يتخلف من أشرافهم سوى
أبي لهب، فإنه أرسل مكانه العاص بن هشام، مقابل دين كان عليه، مقداره أربعة
آلاف درهم. ولم يتخلف من بطون قريش سوى بنى عدى. وبلغ عددهم في بداية
مسيرهم نحو ألف وثلاثمائة محارب، معهم مائة فرس وستمائة درع وجمال كثيرة،
بقيادة أبى جهل.
الشيطان وقـريش
وعندما خشوا أن تغدر بهم بنو بكر لعدواتها معهم، كادوا أن يرجعوا عما
أرادوه، فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك المدلجي، سيد بني كنانة،
وقال لهم: (أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه. فخرجوا
من ديارهم كما حكى عنهم القرآن (بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله)
{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء
النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ
مُحِيطٌ** (الأنفال:47).
ذكر رؤيا عاتكة بنت عبد المطلب
قال ابن إسحاق فأخبرني من لا أتهم عن عكرمة عن ابن عباس ويزيد بن رومان عن
عروة بن الزبير قالا: وقد رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم مكة
بثلاث ليال رؤيا أفزعتها. فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له
يا أخي، والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني، وتخوفت أن يدخل على قومك منها
شر ومصيبة فاكتم عني ما أحدثك به فقال لها: وما رأيت ؟ قالت رأيت راكبا
أقبل على بعير له حتى وقف بالأبطح ثم صرخ بأعلى صوته ألا انفروا يا آل غدر
لمصارعكم في ثلاث فأرى الناس اجتمعوا إليه ثم دخل المسجد والناس يتبعونه
فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة ثم صرخ بمثلها: ألا انفروا يا
آل غدر لمصارعكم في ثلاث ثم مثل به بعيره على رأس أبي قبيس فصرخ بمثلها. ثم
أخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوي، حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت فما بقي
بيت من بيوت مكة ولا دار إلا دخلتها منها فلقة قال العباس والله إن هذه
لرؤيا، وأنت فاكتميها، ولا تذكريها لأحد. وفى القصة إنكار العباس على أبي
جهل قوله: (حتى حدثت فيكم هذه النبية)، وإرادة العباس أن يشاتمه، واشتغال
أبى جهل عنه بمجيء ضمضم يستنفر قريشاً لصد المسلمين عن عيرهم، فتجهزوا
وخرجوا إلى بدر، فصدق الله رؤيا عاتكة.
نجـاة أبي سفيان بالعيـر
لقد كان أبو سفيان متيقظاً للخطر المتكرر من جانب المسلمين. ولذا عندما
اقترب من بدر لقي مجدي بن عمرو وسأله عن جيش الرسول صلى الله عليه و سلم ،
فأفاده مجدي بأنه رأى راكبين أناخا إلى تل، ثم استقيا في شن لهما، ثم
انطلقا، فبادر أبو سفيان إلى مناخيهما، فأخذ من أبعار بعيريهما، ففته، فعرف
منه أنه من علائف المدينة، فأسرع تاركاً الطريق الرئيس الذي يمر على يسار
بدر، واتجه إلى طريق الساحل غرباً، ونجا من الخطر. ثم أرسل رسالة أخرى إلى
جيش قريش، وهم بالجحفة، يخبرهم فيها بنجاته، ويطلب منهم الرجوع إلى مكة.
وهم جيش مكة بالرجوع، ولكن أبا جهل رفض ذلك، قائلا: (والله لا نرجع حتى نرد
بدراً، فنقيم بها ثلاثا، فننحر الجزور، ونطعم الطعام، ونسقى الخمر، وتعزف
لنا القيان، وتسمع بنا العرب وبميسرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبدا.
فامضوا).
رجـوع بني زهـرة
فأطاعه القوم ما عدا الأخنس بن شريق، حيث رجع بقومه بني زهرة، وطالب بن أبى
طالب، لأن قريشاً في حوارها معه، اتهمت بنى هاشم بأن هواهم مع محمد صلى
الله عليه و سلم . وساروا حتى نزلوا قريباً من بدر، وراء كثيب يقع بالعدوة
القصوى، على حدود وادي بدر.
الرسول صلى الله عليه و سلم يستشير اصحابه
وبلغ خبر ذلك الرسول صلى الله عليه و سلم ، فاستشار أصحابه. وخشي فريق منهم
المواجهة في وقت لم يتوقعوا فيه حربا كبيرة، ولم يستعدوا لها بكامل عدتهم
وعتادهم، فجادلوا الرسول صلى الله عليه و سلم ليقنعوه بوجهة نظرهم. وفيهم
نزل قول الله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ
وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي
الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ
وَهُمْ يَنظُرُونَ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ
أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ
لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ
دَابِرَ الْكَافِرِينَ** (الأنفال:7).
وتكلم قادة المهاجرين، وأيدوا الرأي القائل بالسير لملاقاة العدو، منهم أبو
بكر وعمر والمقداد بن عمرو. ومما قاله المقداد: (يا رسول الله، امض لما
أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب
أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك
الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه). وفى رواية قال: (لا نقول كما قال
قوم موسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إن هاهنا قاعدون، ولكننا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك) وسر النبي صلى الله عليه و سلم من قوله.
وبعد سماعه كلام قادة المهاجرين، قال: (أشيروا على أيها الناس)، وكان بذلك
يريد أن يسمع رأي قادة الأنصار، لأنهم غالبية جنده، ولأن نصوص بيعة العقبة
الكبرى لم تكن في ظاهرها ملزمة لهم بحماية الرسول صلى الله عليه و سلم خارج
المدينة، وأدرك سعد بن معاذ – حامل لواء الأنصار – مراد الرسول صلى الله
عليه و سلم ، فنهض قائلا: (والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟ قال: أجل.
قال: فقد آمنا بك فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك
عهودنا ومواثيقنا، على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فوالذي
بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل
واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً، إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء،
ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله). فسر رسول صلى
الله عليه و سلم بقول سعد، ونشطه ذلك، ثم قال: سيروا وابشروا: فإن الله
تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأنى الآن انظر إلى مصارع القوم).
وفي الطريق وعند بحرة الوبرة أدركه رجل من المشركين، قد كان يذكر منه جرأة
ونجدة، أراد أن يحارب معه، فقال له الرسول صلى الله عليه و سلم : (ارجع فلن
أستعين بمشرك)، ثم عرض له مرة ثانية بالشجرة، ومرة ثالثة بالبيداء،
والرسول صلى الله عليه و سلم يقول ما قاله أول مرة، وأخيراً أقر بالإسلام،
فقبله الرسول صلى الله عليه و سلم .
منزل المسلميـن ومنزل قريشوعندما وصل قريباً من الصفراء، بعث بسبس بن
الجهني وعدى بن أبى الزغباء الجهنى إلى بدر يتحسسان له الأخبار عن أبي
سفيان وعيره. ويروى أنه خرج هو وأبو بكر لهذا الغرض، ولقيا شيخا فسألاه عن
جيش قريش، فاشترط عليهما أن يخبراه ممن هما، فوافقا، وطلبا منه أن يخبراهما
هو أولاً، فأخبرهما بأنه قد بلغه أن محمداً وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا،
فإن صدق الذي أخبره فهم اليوم بمكان كذا وكذا – للمكان الذي به جيش
المسلمين – وإن صدق الذي أخبره بجيش قريش فهم اليوم بمكان كذا – للمكان
الذي به جيش قريش. ولما فرغ من كلامه قال: ممن أنتما ؟ فقال له رسول الله
صلى الله عليه و سلم : نحن من ماء، ثم انصرفا عنه، وتركاه يقول: من ماء ؟
أمن ماء العراق ؟
وفى مساء ذلك اليوم أرسل علياً والزبير وسعداً بن أبى وقاص في نفر من
أصحابه لجمع المعلومات عن العدو، فوجدوا على ماء بدر غلامين يستقيان لجيش
مكة، فأتوا بهما إلى الرسول صلى الله عليه و سلم وهو يصلى، وأخذوا في
استجوابهما. فأفادا أنهما سقاة جيش قريش، فلم يصدقوهما، وكرهوا هذا الجواب،
ظنا منهم أنهما لأبى سفيان، إذ لا يزال الأمل يحدوهم في الحصول على العير.
وضربوهما حتى قالا أنهما لأبي سفيان. وعندما فرغ الرسول صلى الله عليه و
سلم من صلاته عاتب أصحابه لأنهم يضربونهما إذا صدقا، ويتركونهما إذا كذبا.
ثم سألهما الرسول صلى الله عليه و سلم عن مكان الجيش المكي، فقال: هم وراء
هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى. وعندما سألهما عن عدد جيش مكة وعدته
لم يستطيعا تحديد ذلك، لكنهما حددا عدد الجزور التي تنحر يومياً بأنها ما
بين التسعة والعشرة، فاستنتج الرسول صلى الله عليه و سلم بأنهم بين
التسعمائة والألف، وذكرا له من بالجيش من أشراف مكة،فقال الرسول صلى الله
عليه و سلم لأصحابه: (هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها). وأشار إلى مكان
مصارع جماعة من زعماء قريش، فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله
عليه و سلم . الله يثبت قلـوب المسلمين وأنزل الله تعالى في هذه الليلة
مطراً طهر به المؤمنين وثبت به الأرض تحت أقدامهم، وجعله وبالاً شديدًا على
المشركين. وفي هذا قال تعالى: **وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام{
ومن نعمه على المسلمين يوم بدر أيضاً أن غشيهم النعاس أمنة منه، كما في صدر
آية نعمة إنزال المطر: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ
وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ
وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ
وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ **. روى في ذلك الإمام أحمد بسنده إلى أنس بن
مالك أن أبا طلحة، قال: (غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم بدر، فكنت فيمن
غشيه النعاس يومئذ فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه ويسقط وآخذه). وزاد الله
المؤمنين فضلاً بان أوقع الخلاف في صفوف عدوهم. فقد روى أحمد أن عتبة بن
ربيعة أخذ يثني قومه عن القتال محذرا من مغبته، لأنه علم أن المسلمين سوف
يستميتون، فاتهمه أبو جهل بالخوف. وروى البزار، أن عتبة قال لقومه يوم ذاك:
(إن الأقارب سوف تقتل بعضهم بعضاً، مما يورث في القلوب مرارة لن تزول،
فاتهمه أبو جهل بالخوف، وليريه شجاعته، دعا أخاه وابنه وخرج بينهما داعياً
إلى المبارزة).وكان الرسول صلى الله عليه و سلم قد رأى عتبة على جمل أحمر،
فقال: (إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه
يرشدوا). وشاء الله أن يعصوه، وضاع رأيه وسط إثارة أبى جهل الثارات
القديمة.
مشـورة الحباب سبق الرسول صلى الله عليه و سلم المشركين إلى ماء بدر، ليحول
بينهم وبين الماء. وهنا أبدى الحباب بن المنذر رأيه قائلاً: (يا رسول
الله، أرأيت هذا المنزل، أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر
عنه ؟ أم هو الرأي والحـرب والمكيدة ؟) قال: (بل هو الرأي والحرب
والمكيدة)، قال: (يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي
أدنى ماء من القوم – قريش – فننزله ونغور – نخرب – ما وراءه من القلب
الآبار ثم نبنى عليه حوضاً فنملأه ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون) فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : (لقد أشرت بالرأي). وفعل ما أشار به
الحباب بن المنذر. بناء العريش لرسول الله صلى الله عليه و سلم وعندما
استقروا في المكان، قال سعد بن معاذ مقترحاً: (يا نبي الله، ألا نبنى لك
عريشاً تكون فيه، ونعد عندك ركائبك، ثم نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا
على عدونا كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن
وراءنا من قومنا، فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حباً
منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حرباً ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم يناصحونك
ويجاهدون معك)، فوافق الرسول صلى الله عليه و سلم على هذا الاقتراح. جهـاد
النبي في المعركة
ويفهم من النصوص الواردة في شأن القتال ببدر أن الرسول صلى الله عليه و سلم
شارك في القتال، ولم يمض كل وقته داخل هذا العريش أو في الدعاء، كما فهم
بعض كتاب السيرة. فقد روى الإمام أحمد عن على، قال: (لقد رأيتنا في يوم بدر
ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه و سلم وهو أقربنا من العدو، وكان من
أشد الناس يومئذ بأساً)، وفى موضع آخر بالسند نفسه: (لما حضر البأس يوم
بدر، اتقينا برسول الله صلى الله عليه و سلم ، وكان من أشد الناس، ما كان
أو لم يكن أحد أقرب إلى المشركين منه). وروى مسلم أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال لأصحابه يوم بدر: (لا يتقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا
دونه). وقال ابن كثير: (وقد قاتل بنفسه الكريمة قتالاً شديداً ببدنه،
وكذلك أبو بكر الصديق، كما كانا في العريش يجاهدان بالدعاء والتضرع، ثم
نزلا فحرضا وحثا على القتال، وقاتلا بالأبدان جمعاً بين المقامين
الشريفين).
مناشدة الرسول ربه النصر بعد أن اتخذ الرسول صلى الله عليه و سلم كل
الوسائل المادية الممكنة للنصر في حدود الطاقة البشرية، بات ليلته يتضرع
إلى الله تعالى أن ينصره، ومن دعائه كما جاء في رواية عند مسلم: (اللهم
أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل
الإسلام لا تعبد في الأرض) وتقول الرواية: (فما زال يهتف بربه حتى سقط
رداؤه عن منكبيه. فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزامه
من ورائه، وقال: (يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك)،
فأنزل الله عز وجل: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من
الملائكة مردفين) (الأنفال:9).
ومما رواه البخاري من دعائه في ذلك اليوم: (اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك،
اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم)، وتقول الرواية: (فأخذ أبو بكر بيده فقال:
حسبك يا رسول الله، ألححت على ربك، وهو يثب في الدرع فخرج وهو يقول:
(سيهزم الجمع ويولون الدبر).
التقاء الفريقين فلما تراءى الجيشان، وكان ذلك في صبيحة يوم الثلاثاء 17
رمضان من السنة الثانية للهجرة قام النبي صلى الله عليه و سلم بتعديل صفوف
جيشه حتى صاروا كأنهم بنيان مرصوص، ونظر لقريش فقال: اللهم هذه قريش قد
أقبلت بخيلائها وفخرها تحادّك وتكذّب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني.طلب
المبارزة
ثم برز ثلاثة من صفوف المشركين، وهم عتبة بن ربيعة وابنه الوليد وأخوه شيبة
وطلبوا من يخرج إليهم، فبرز لهم ثلاثة من الأنصار، فقال المشركون: إنما
نطلب أكفاءنا من بني عمنا (أى القرشيين)، فبرز لهم حمزة بن عبد المطلب
وعبيدة بن الحارث وعليّ بن أبي طالب، فكان حمزة بإزاء شيبة وكان عبيدة
بإزاء عتبة وكان عليّ بإزاء الوليد، فأما حمزة وعليّ فقد أجهز كل منهما على
مبارزه، وأما عبيدة فقد ضرب صاحبه ضربة لم تمته وضربه صاحبه مثلها، فجاء
علي وحمزة فأجهزا على مبارز عبيدة وحملا عبيدة وهو جريح إلى صفوف المسلمين،
وقد مات من آثار جراحه رضى الله عنه.
خروج الرسول من العريش
وهزيمة المشركين
ثم بدأ الهجوم فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم من العريش يشجع الناس
ويقول: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)، وأخذ من الحصباء
حفنة رمى بها في وجوه المشركين قائلا: شاهت الوجوه ( أي: قبحت)، ثم قال
لأصحابه: شدوا عليهم. فحمى الوطيس (أي: اشتد القتال). وأمد الله تعالى
المسلمين بملائكة النصر، فلم تك إلا ساعة حتى انهزم المشركون وولوا
الأدبار، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون، فقتلوا منهم سبعين رجلا وأسروا
سبعين، ومن بين القتلى كثيرون من صناديدهم.
ولما انتهت الموقعة أمر عليه الصلاة والسلام بدفن الشهداء من المسلمين، كما
أمر بإلقاء قتلى المشركين في قليب بدر، ولم يستشهد من المسلمين سوى أربعة
عشر رجلا رضي الله عنهم.
بعد أن انتهي القتال في بدر ودفن الشهداء والقتلى؛ أمر رسول الله صلى الله
عليه و سلم بجمع الغنائم فجمعت، وأرسل من يبشر أهل المدينة بالنصر، ثم عاد
عليه الصلاة والسلام بالغنائم والأسرى إلى المدينة، فقسم الغنائم بين
المجاهدين ومن في حكمهم من المخلَّفين لمصلحة، وحفظ لورثة الشهداء أسهمهم،
وأما الأسرى فرأى بعد أن استشار أصحابه فيهم أن يستبقيهم ويقبل الفداء من
قريش عمَّن تريد فداءه، فبعثت قريش بالمال لفداء أسراهم، فكان فداء الرجل
من ألف درهم الى أربعة آلاف درهم بحسب منزلته فيهم، ومن لم يكن معه فداء
وهو يحسن القراءة والكتابة أعطوه عشرة من غلمان المسلمين يعلمهم، فكان ذلك
فداءه.
وكان من الأسرى العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه و سلم فلم
يُعفه من الفداء مع أنه إنما خرج لهذه الحرب مُكْرَها، وقد أسلم العباس عقب
غزوة بدر ولكنه لم يظهر إسلامه إلا قبيل فتح مكة. وكان منهم أيضاً أبو
العاص بن الربيع زوج زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وقد افتدته
رضى الله عنها بقلادتها فرُدَّت إليها، واشترط عليه النبي صلى الله عليه و
سلم أن يمكّنها من الهجرة إلى المدينة فوفي بشرطه، وقد أسلم قبل فتح مكة،
فرد إليه النبي صلى الله عليه و سلم زوجته. ومنهم من منَّ عليه النبي صلى
الله عليه و سلم بغير فداء؛ كأبي عزة الجمحي الذي كان يثير بشعره
قريشاً ضد المسلمين، فطلب من رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يفكه من
الأسر على ألا يعود لمثل ذلك، فأطلقه على هذا الشرط، ولكنه لم يف بعهده
بعد، وقتل بعد غزوة أحد.
ومن قتلى قريش: أبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة،
وحنظلة بن أبي سفيان، والوليد بن عتبة، والجراح والد أبي عبيدة، قتله ابنه
أبو عبيدة بعد أن ابتعد عنه فلم يرجع.
وأما شهداء بدر الأربعة عشر فمنهم ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار،
فمن المهاجرين: عبيدة بن الحارث وعمير بن أبي وقاص، ومن الأنصار: عوف
ومعوّذ ابنا عفراء الخزرجيان، وهما اللذان قتلا أبا جهل، ومنهم سعد بن
خيثمة الأوسيّ أحد النقباء في بيعة العقبة.
وهذه الغزوة الكبرى التي انتصر فيها المسلمون ذلك الانتصار الباهر، مع قلة
عَددهم وعُددهم وكثرة عَدد العدوّ وعُدده، من الأدلة الكبرى على عناية الله
تعالى بالمسلمين الصادقي العزيمة الممتلئة قلوبهم طمأنينة بالله تعالى
وثقة بما وعدهم على لسان رسوله صلى الله عليه و سلم من الفوز والنصر.
ولقد دخل بسببها الرعب في قلوب كافة العرب، فكانت للمسلمين عزاً وهيبة وقوة، والحمد لله رب العالمين.
غزوه بنى قينقاع
مقدمة


santa

الخيانة والغدر وإحداث الشغب، والفتن، ونشر الفساد، مما اشتهر به اليهود
قديماً وحديثاً، وذلك هو خلقهم، وطبعهم، وعلاجهم منه ليس بالأمر السهل
اليسير، ولذلك لا ينفع معهم في كثير من الأحيان إلا القتل، أو الإبعاد
ليبقى المجتمع سليماً من كيدهم ومؤامراتهم، والتاريخ إلى يومنا شاهد بذلك،
فأينما حلوا أفسدوا، ولم يتقبلهم أي مجتمع، حتى إخوانهم فى الكفر لم يقبلوا
بهم.
فساد اليهود
ونصيحة الرسول لهم وردهم عليه
وصراع المسلمين مع اليهود بدأ منذ أول عهد الرسالة، وقد أقاموا عهوداً
ومواثيق مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولكنهم سرعان ما نقضوها،
فبعد هزيمة قريش في غزوة بدر، ازداد غيظ اليهود في المدينة، وكان من أشدهم
يهود بنى قينقاع، فقاموا بإثارة الشغب، واستفزاز المسلمين، فجمعهم الرسول
صلى الله عليه وسلم ، وطالبهم بالإسلام قبل أن يصيبهم ما أصاب قريشاً،
فقابلوا ذلك بالرفض والصدود، والإستمرار في الأذى مغترين بما لديهم من آلات
الحرب لكونهم صاغة وحدادين وصنّاع فأنزل الله فيهم قوله تعالى: { {11**
قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ
وَبِئْسَ الْمِهَادُ{12** قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ
الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ
يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ
مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَار ** (آل
عمران:12،13).
سبب الحرب بينهم وبين المسلمين
وذكر ابن كثير، وابن هشام أن امرأة من العرب جلست إلى صائغ في سوق بنى
قينقاع، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها،
فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا عليها، فصاحت، فوثب رجل
من المسلمين على الصائغ فقتله وكان يهودياً فشدت اليهود على المسلم فقتلوه.
فحاصرهم المسلمون في حصونهم حتى نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه
وسلم في رقابهم، وأموالهم، ونسائهم، وذراريهم.
مدة حصارهم
قال ابن هشام : واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة في
محاصرته إياهم بشير بن عبد المنذر وكانت محاصرته إياهم خمس عشرة ليلة .
موقف عبد الله بن أبي بن سلول
ثم قام زعيم المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول مطالباً رسول الله صلى الله
عليه وسلم بإلحاحٍ شديد أن يعفو عنهم، وكانوا حلفاء الخزرج، وفيه نزل قول
الله "{50** يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ
وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم
مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ{51** فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ
فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن
يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا
أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ" (المائدة: 50،51)، فعامله الرسول
بالمراعاة، ووهبهم له، وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه فيها،
فخرجوا إلى أذرعات الشام، بعد أن قبض منهم الرسول صلى الله عليه وسلم
أموالهم، ولم يلبثوا في الشام حتى هلك أكثرهم، وكان عددهم سبعمائة
رجل.غزوات عام 3 هـ
غزوة ذي أمر


santa


كان النبي صلى الله عليه و سلم في مراقبة دائمة لأعدائه وخصومه الذين
يبحثون عن أي فرصة تمكنهم من إلحاق الأذى بالمسلمين، وكان كلما هم هؤلاء
الأعداء من الأعراب وغيرهم بمهاجمة المدينة خرج إليهم النبي صلى الله عليه و
سلم فأدبهم وفرق جمعهم، وشتت شملهم، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم
بلغه أنّ جمعاً من غطفان قد تجمّعوا يريدون الإغارة على أطراف المدينة،
يتزعمهم دعثور بن الحارث بن محارب، فخرج النبي صلى الله عليه و سلم في
أربعمائة وخمسين رجلاً ما بين راكب وراجل، واستخلف على المدينة عثمان بن
عفان رضي الله عنه، وكان ذلك في السنة الثالثة
للهجرة، وفي أثناء الطريق قبض المسلمون على رجل يقال له جبار من بني ثعلبة
فدعاه النبي صلى الله عليه و سلم إلى الإسلام فأسلم، وصار دليلاً للجيش
إلى بلاد العدو، وهرب هؤلاء الأعراب من النبي صلى الله عليه و سلم وتفرقوا
في رؤوس الجبال، ونزل صلّى الله عليه وآله وسلّم مكان تجمعهم وهو الماء
المسمى بذي أمر فعسكر به قريباً من الشهر، ليُشعِر الأعراب بقوة المسلمين
ويستولى عليهم الرعب والرهبة، وقد حصل لرسول الله صلى الله عليه و سلم من
المعجزة، ومن إكرام الله له في هذه الغزوة أمر عجب.
روى ابن اسحق وغيره من أصحاب المغازى والسير، أن المسلمين في هذه الغزوة أصابهم مطر كثير، فذهب
رسول الله صلى الله عليه و سلم لحاجته فأصابه ذلك المطر فبلَّل ثوبه، وقد
جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم وادي ذي أمر بينه وبين أصحابه، ثمّ نزع
ثيابه فنشرها على شجرة لتجف، ثمّ اضطجع تحتها، والأعراب ينظرون إلى كلّ ما
يفعل رسول الله، فقالت الأعراب لدعثور - وكان سيّدهم وأشجعهم - قد أمكنك
الله من قتل محمّد، وقد انفرد من أصحابه حيث إن غوّث - أي طلب الغوث
والنجدة - بأصحابه لم يُغث حتى تقتله، فاختار سيفاً من سيوفهم صارماً، ثمّ
أقبل حتّى قام على رأس رسول الله بالسيف مشهوراً فقال: يا محمّد من يمنعك
منّى اليوم؟ قال: الله، ودفع جبريل عليه السلام في صدره فوقع السيف من يده،
فأخذه رسول الله صلى الله عليه و سلم وقام على رأسه وقال: من يمنعك منّى
؟، قال: لا أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله،
والله لا أُكثِّر عليك جمعاً أبداً، ثم أعطاه رسول الله سيفه ثمّ أدبر، ثمّ
أقبل بوجهه ثمّ قال: والله لأنت خير منى، قال رسول الله: أنا أحقّ بذلك
منك، فأتى قومه فقالوا له: أين ما كنت تقول، وقد أمكنك الله منه، والسيف في
يدك ؟ قال: قد كان والله ذلك، ولكني نظرت إلى رجل أبيض طويل دفع في صدري
فوقعت لظهري، فعرفت أنّه مَلَك، وشهدت أنّ محمداً رسول الله، والله لا
أُكثِّر عليه جمعاً أبداً، وجعل يدعو قومه إلى الإسلام، ونزلت هذه الآية:
{يا أيها الذِين آمَنُوا اذكُرُوا نِعمَةَ الله عَليكُم إذ هَمَ قَومٌ أن
يَبسُطُوا إليكم أيديهم فَكَفَّ أيديهم عَنكُم** (المائدة:11). وهذه القصة
ثابتة في الصحيحين بسياق مختلف، وفي غزوة أخرى كذلك، وما في الصحيحين أصح.
ومن هذه الغزوة وما حصل فيها، يتبين لنا أن الله ناصر دينه وجنده، وما على
المسلمين إلا أن يبذلوا وسعهم، ويجاهدوا لإعلاء كلمة الله، والله نسأله أن
ينصر المجاهدين في سبيله في كل مكان، إنه ولى ذلك والقادر عليه، والحمد لله
رب العالمين.
غزوة حمراء الأسد



بعد انتهاء غزوة أحد التي حدث فيها ما حدث، من تمحيص للمؤمنين وكشف لحقيقة
المنافقين، بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أبا سفيان يعد لقتال
المسلمين، فأمر بلالاً أن ينادي بالناس: (إنّ رسول الله يأمركم بطلب عدوكم،
فخرج النبي صلى الله عليه و سلم بأصحابه في أثر أبى سفيان وهم يحملون
جراحهم، وأمر ألا يخرج معه إلا من شهد القتال في أحد)، وقد ذكر القرآن
أحداث هذه الغزوة، فقال الله في كتابه: {الذين استجابوا لله والرسول من بعد
ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم** (آل عمران: 172)،
وطلب رسول الله العدو حتى بلغ حمراء الأسد.
كان هدف رسول الله من سيره لحمراء الأسد إرهاب العدو، وإبلاغهم قوة
المسلمين، وأن الذي أصابهم في أُحد لم يكن ليوهنهم عن عدوهم أو يفل من
عزيمتهم. ومر برسول الله معبد بن أبي معبد الخزاعي، وهو يومئذ مشرك، وكان
مقيماً بحمراء الأسد، فقال: يا محمد أما والله لقد عز علينا ما أصابك في
أصحابك، ولوددنا أن الله عافاك فيهم، ثم خرج من عند رسول الله، حتى لقي أبا
سفيان ومن معه بالروحاء، وقد أجمعوا أمرهم على ملاقاة رسول الله صلى الله
عليه و سلم وأصحابه، وقالوا: أصبنا أحد أصحابه وقادتهم وأشرافهم، ثم نرجع
قبل أن نستأصلهم، لنكرن على بقيتهم فلنفرغن منهم، فلما رأى أبو سفيان معبدا
قال: ما وراءك يا معبد ؟ قال: محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر
مثله قط، يتحرقون عليكم تحرقا، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم، شيء
لم أر مثله قط، قال: ويلك
ما تقول ؟ قال: والله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصي الخيل، قال: فوالله لقد
أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل شأفتهم، قال فإني أنهاك عن ذلك، ووالله لقد
حملني ما رأيت على أن قلت فيه أبياتا من شعر ، قال: وما قلت ؟ قال قلت:
كـادت تُهَـدُّ من الأصوات راحلتـي إذ سالـت الأرضُ بالجـردِ الأبابيـلِ
تــردى بأسـد كــرام لا تنابلــة عند اللقـــاء ولا ميـل معــازيل
فظلـت عـدوا أظـن الأرض مائلـة لمـا سموا برئيـس غير مخـــذول
فقـلت ويـل ابن حـرب من لقاءكم إذا تغطمطـت البطحـاء بالجيـــل
إنـي نذيـر لأهل البسـل ضاحيــة لكـل ذي أربة منهـــم ومعقـول مـن جيـش أحمـد لا وخش قنابلـه وليـس يوصـف ما أنذرت بالقيـل
فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه عن ملاقاة رسول الله صلى الله عليه و سلم
ثانية. ومر بأبي سفيان ركْبٌ من عبد القيس، فقال: أين تريدون ؟ قالوا:
المدينة، قال: ولم ؟ قالوا: نريد الميرة، قال: فهل أنتم مبلغون عني محمدا
رسالة أرسلكم بها إليه واحمل لكم إبلكم هذه غدا زبيبا بعكاظ إذا وافيتموها ؟
قالوا: نعم، قال: فإذا وافيتموه فاخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه، والى
أصحابه لنستأصل بقيتهم، فمر الركب برسول الله وهو بحمراء الأسد فأخبروه
بالذي قال أبو سفيان، فقال حسبنا الله ونعم الوكيل، وفي ذلك أنزل الله قوله
تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا
وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل** (آل عمران:173) وروى البخاري عن ابن عباس
قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في
النار، وقالها محمد حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم
إيمانا، وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل". فبث الله الرعب في قلوب الكفار،
أبى سفيان وأصحابه، فانصرفوا خائفين وجلين، وعاد الرسول بأصحابه إلى
المدينة.
والذي يُستفاد من أحداث هذه الغزوة وما رافقها من مجريات، أن الله سبحانه
ناصر دينه، ومؤيد أوليائه، وأن النصر لا يُحسم بعنصر القوة المادية فحسب،
وإنما هناك عنصر أهم وأجدى ألا وهو عنصر الإيمان بالله والاعتماد والتوكل
عليه. ويُستفاد أيضاً - علاوة على ما سبق- أن النصر حليف المؤمنين إذا
هيأوا له أسبابه، وأعدوا له القوة المعنوية والمادية؛ فلا شك حينئذ أن الله
ناصرهم. وصدق الله القائل في محكم كتابه: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا
في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد** (غافر:51).

غزوات عام 4 هـ
غزوة ذات الرقاع

santa



بعدما كُسرت شوكة جناحين من الأحزاب: اليهود ومشركي مكة من قبل المسلمين،
بقي جناح ثالث: وهم الأعراب القساة الضاربين في فيافي نجد، والذين ما زالوا
يقومون بأعمال النهب والسلب بين وقت وآخر.
فأراد الرسول صلى الله عليه و سلم تأديبهم، وإخماد نار شرهم، ولما كانوا
بدواً لا بلدة أو مدينة تجمعهم، بات لا يجدي معهم سوى حملات التأديب
والتخويف، فكانت غزوة ذات الرقاع.
جرت أحداث هذه الغزوة في السنة الرابعة من الهجرة، بعد خيبر، كما رجحه ابن
القيم رحمه الله في زاد المعاد. وبدأت حين سمع النبي صلى الله عليه و سلم
باجتماع قبائل: أنمار أو بنى ثعلبة، وبنى محارب من غطفان، فأسرع بالخروج
إليهم بأربعمائة أو سبعمائة من الصحابة، واستعمل على المدينة أبا ذر، وقيل
عثمان بن عفان، وسار متوغلاً في بلادهم حتى وصل إلى موضع يقال له نخل، ولقي
جمعاً من غطفان، فتوافقوا ولم يكن بينهم قتال، إلا أنه صلى بالصحابة صلاة
الخوف، فعن جابر قال: (خرج النبي صلى الله عليه و سلم إلى ذات الرقاع من
نخل، فلقي جمعاً من غطفان، فلم يكن قتال، وأخاف الناس بعضهم بعضاً، فصلى
النبي صلى الله عليه و سلم ركعتي الخوف) رواه البخاري.
وكان لكل ستة بعير يتعاقبون على ركوبه، حتى تمزقت خفافهم، ولفّوا على
أرجلهم الخرق؛ ولذلك سميت الغزوة بذات الرقاع، ففي الصحيحين عن أبى موسى
رضي الله عنه قال: (خرجنا مع النبي صلى الله عليه و سلم في غزاة، ونحن ستة
نفر بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا، ونقبت قدماي، وسقطت أظفاري، وكنا
نلف على أرجلنا الخرق، فسُمِّيت غزوة ذات الرقاع؛ لما كنا نعصب من الخرق
على أرجلنا).
ومما صاحب هذه الغزوة قصة الأعرابي، ففي البخاري، عن جابر رضي الله عنه
قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه و سلم بذات الرقاع، فإذا أتينا على شجرة
ظليلة تركناها للنبي صلى الله عليه و سلم ، فجاء رجل من المشركين وسيف
النبي صلى الله عليه و سلم معلق بالشجرة، فاخترطه فقال: تخافني ؟، قال: لا
قال فمن يمنعك منى ؟ قال: الله، فتهدده أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ،
وأقيمت الصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى
ركعتين، وكان للنبي صلى الله عليه و سلم أربع، وللقوم ركعتان).
وكان لهذه الغزوة أثر في قذف الرعب في قلوب الأعراب القساة، فلم تجترئ
القبائل من غطفان أن ترفع رأسها بعدها، بل استكانت حتى استسلمت، وأسلمت،
حتى شارك بعضها في فتح مكة وغزوة حنين.
وبهذا تم كسر أجنحة الأحزاب الثلاثة، وساد الأمن والسلام ربوع المنطقة،
وبدأ التمهيد لفتوح البلدان والممالك الكبيرة، لتبليغ الإسلام ونشر الخير.

santa santa santa santa santa santa
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سيرة الرسول محمد-ص( الغزوات الاسلامية)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المصـــــــــــراوية :: المنتديات الدينية :: السيرة النبوية { حبيبي يارسول الله } صل الله عليه وسلم-
انتقل الى: