الاربعون: هو السن الوحيد الذي خصه القرآن الكريم بدعاء مميز:
( حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال "ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي
أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني
تبت اليك وإني من المسلمين " )
فهو دعاء مؤثر يتضمن الشكر عما مضى، والدعاء للاتي ،وإعلان الولاء لهذ
ا الدين .
أكد العلماء على أهمية هذا الدعاء وخاصة لمن بلغ الاربعين وأنه سبب لقبول
الاعمال
فقد قال سبحانه بعد هذه الاية (أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ماعملوا.....).
في الاربعين يشعر الواحد منا وكأنه على قمة جبل، ينظر الى السفح الاول فيرى
طفولته وشبابه .ويجد أن مذاقهما لا يزال في أعماقه ، وينظر إلى السفح الاخر .
فيجد ما تبقى من مراحل عمره ، ويدرك كم هو قريب منها. إنه العمر الذي يكون
الانسان قادراً فيه على أن يفهم كل الفئات العمرية ويعايشها ويتحدث بمشاعرها.
في الاربعين يبدأ الشيب إن لم يكن قد بدأ سابقاً ، ويبدأ كذلك ضعف البصر فيقبل
كل منا على نظارة القراءة وتصبح جزءاً من محمولاته اليومية .
وفي الاربعين نسمع لاول مرة من ينادينا في الاماكن العامة (تفضل يا عم) ليجد
وجوهنا مستغربة للنداء الجديد .
في الاربعين يلتفت لنا من هم في الستين ليقولوا لنا :-هنيئاً لكم مازلتم شباباً
،فيزداد استغرابنا.
في الاربعين تبدأ أزمة منتصف العمر، يبدأ السؤال القاسي بالظهورأمام الانسان :-
* ماذا أنجزت في عملك؟
* ماذا أنجزت لاسرتك؟
* ماذا أنجزت في حياتك؟
* ماذا أنجزت في علاقتك مع ربك؟
فإذا لم ترجع لربك وقد بلغت هذا العمر....فمتى ترجع يا ابن آدم ؟
إنه سؤال يهز القلوب ويشغل التفكير، فالمشكلة أن الايام مرت أسرع مما توقعنا ،
فأثناء طفولتنا كنا ننظر لمن في الاربعين على أنهم شبعوا من دنياهم ، أما اليوم
فنرى - نحن - أننا لم نحقق الكثير مما وضعناه لانفسنا ، وأن السنوات تجري بنا
ولا تعطينا فرصة لكي نصنع ما نريد .
في الاربعين ندرك القيمة الحقيقية للاشياء الرائعة التي تحيط بنا ، ننظر إلى والدينا
إذا كانا موجودين أو أحدهما فنشعر أنهما كنز وعلينا أن نؤدي حقهما ونبرّ بهما .
كذلك ننظر إلى أبنائنا فنراهم قد غدوا كإخوان لنا ينتظرون صحبتنا .كذلك ننظر إلى
الاخوان والاصحاب فنشعر بسرور غامرلوجودهم حولنا، كما ننظر إلى تقصيرنا
وأخطائنا فنرى أنها لا تليق بمن هو في الاربعين حيث يفترض منّا فيه الحكمة
والتوازن .
في الاربعين يبدأ الحصاد ، نشعر حقيقة أننا كنا كمن كان يجري ويجري واليوم بدأ
يخفف من جريه ويلتفت إلى لوحة النتائج ليقرأ ملامحها الاولية ، وهو يعلم أن النتائج
النهائية لم تحسم بعد ، إلا أن التغيير بعد الاربعين ليس بسهولة ما قبلها .
اقرؤوها بتمعن وخاصة الاية الكريمة ، لتجدوا أنه ليس لنا عمل من بعد هذا السن
إلا الرجوع إلى الله والإنابة إليه وشكره على ما أعطانا ..
منقول :