قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا
ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: 1].
سبب النزول: اختُلِف في سبب نزولها:
فقيل: اختلف الشباب والشيوخ في غنائم بدر، فقال الشباب: هي لنا، وقال الشيوخ:
كنا رِدءًا لكم تحت الرايات؛ فنَزَلَتْ.
وقيل: إن سعد بن أبي وقاص قال يوم بدر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: قد
شفاني الله اليوم من المشركين، فهب لي هذا السيف، فقال له رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ((إن هذا السيف لا لك ولا لي، ضعه))، فوضعته، فلما وليت ناداني
وقال: ((كنت سألتني هذا السيف، وإنه قد وهب لي فهو لك))، وأنزل الله: ﴿ يَسْأَلُونَكَ
عَنِ الْأَنْفَالِ ﴾.
والغَرَض الذي سِيقَتْ له هو: جَعْل غنائم بدر لرسول الله صلى الله عليه وسلم يضعها
حيث شاء.
ومناسبتها لما قبلها: أنه ختم السورة السابقة بما حكاه عن الملائكة من إخلاصهم
التوحيد لله، وافتتح هذه السورة بالحديث عن أهل بدر الذائدين عن حِمى التوحيد،
وأمرهم بتقوى الله.
وقوله: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ﴾ السؤال هنا سؤال استفتاء، وعليه فـ(عن) غير
زائدة، وقد تعدَّى الفعل إلى مفعولين الأول بنفسه، والثاني بحرف الجر.
وقيل: السؤال هنا استعطاء، وعليه فـ(يسأل) تتعدى إلى المفعولين بنفسها، والظاهر
الأول.
والضمير المرفوع إما للصحابة المختلفين، وإما لسعد بن أبي وقاص.
و(الأنفال) جمع نَفَل بالتحريك، وأصل النَّفَل الزيادة، ويطلق على الغنيمة؛ لأنها مما
زاد الله لهذه الأمة، أو لأنها زيادة عن أجر الجهاد، ويطلق النفل أيضًا على ما يجعله
الإمام لبعض المقاتلين، والمراد بـ(الأنفال) هنا غنائم بدر خاصة، ويؤيد هذا سبب
النزول.
ومعنى ﴿ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ.. ﴾؛ أي: الحكم فيها إلى الله ورسوله يضعها حيث
يشاء.
والفاء في قوله: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ فصيحة؛ أي: إذا كانت الأنفال لله والرسول، فاتقوا الله
باجتناب ما يغضبه من اختلاف المسلمين، و(التقوى): اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه؛
لأنه وقاية من النار.
و(البين) يُطلق على الفُرقة وعلى الوصل، والمراد هنا الوصل، وذات البين: حقيقته،
فمعنى: ﴿ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾؛ أي: أصلحوا حقيقة صلتكم الإسلامية، وإصلاحها
بالمودة وترك النِّزاع.
وجواب ﴿ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ محذوف؛ لدلالة ما قبله عليه، والتقديرُ: فاتقوا الله، وأصلحوا
ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله.
والتعبير بوصف (الإيمان) لتنشيط المخاطبين وتهييجهم.
وقد اختلف العلماء في هذه الآية:
فقيل: هي منسوخة بآية: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ... ﴾
[الأنفال: 41] إلى آخر الآية.
وقيل: هي محكمة، وأنها مجملة فصَّلتها آية: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ... ﴾.
الأحكام:
1- وجوب تقوى الله.
2- وجوب إصلاح ذات البين.
3- وجوب طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
منقول