المورسكيون هم المسلمين الذين آثروا البقاء في شبه الجزيرة الأيبيرية بعد سقوط غرناطة
آخر المعاقل الإسلامية في الأندلس تحت وطأة النصارى الأسبان .., أعلنوا النصرانية تظاهرا
فقط وبقوا زهاء قرنين من الزمان مسلمين يكتمون إسلامهم..
ومع أن اسبانيا كانت تحظر عليهم التفاهم باللغة العربية وإحياء أية تقاليد إسلامية أو عربية..
فقد كانوا يتمتعون بقدرة عجيبة على الاحتفاظ بلغتهم فيما بينهم داخل بيوتهم وبين أولادهم..
وكانوا يتحدثون القشتالية لغة اسبانيا في ذلك العصر مع غيرهم من الاسبان النصارى حتى
لا ينكشف أمرهم.. وكان لكل شخص منهم اسمين اسم عربي يتخاطبون به بينهم ولا يعرفه
الاسبان واسم قشتالى اسباني يعرفه به الأسبان ..
ولكن الويل كل الويل لمن يثبت عليه ارتكاب المحظور والتكلم باللغة العربية فقد كانت محاكم
التفتيش حينئذ تذيقه الويلات من سلخ الناس وإحراقهم أحياء وقطع احد أطرافهم أو اغتصاب
نسائهم أمام أعينهم.. في مشاهد غاية في الفظاعة لا فرق فيها بين كبير أو صغير أو شيخ أو
عجوز..
وكانت اسبانيا النصرانية تعتبرهم عينة اجتماعية غريبة وتضطهدهم اضطهادا شديدا .. وكأن
هذا الشعب لم يكن في يوم من الأيام منقذا لاسبانيا من ظلاميات العصور الوسطى فللّه الأمر
من قبل ومن بعد.
كان المورسكيون يبعثون برسائلهم عبر البحر إلى خير الدين بارباروس كي ينقذهم من نير
الاسبان ..
ولم يكن خير الدين برباروس يملك لهم شيئا إلا إنقاذ من أراد الهجرة على مراكبه الخاصة
مناسبانيا التي حرّمت عليهم الهجرة نهائيا وقضت عليهم حكما بالاستعباد الأبدي
لأن هذا الأخير لم يكن يملك إلا إمكانيات ضعيفة في الجزائر التي أصبح واليا عليها ..
وكان برباروس يعلم انه ليس من الحكمة بقاء المسلمين في اسبانيا بهذه الكيفية أبدا فمن
المؤكد أن محارق الكنيسة ستلتهم أحياء كلهم وبقى يفكر في الأمر حتى كاد يعجز عن
إيجاد حل يخرجهم به من تلك الأرض التي تبدل حالها من النور إلى الظلام واستبدل أهلها
الذي هو أدنى بالذي هو خير وأقاموا الجهل مقام العلم وشرّدوا رسل الحضارة والمدينة
واضطهدوهم في بلادهم
ولكنه استطاع أن يستعيد سابق عهده وانتصاراته البحرية الميمونة .. فقام بشن هجمات
متوالية على شواطئ بلنسية (فالينسيا) وقدم العون للمورسكيين من السلاح والمؤن
والمجاهدين لكي يقوموا بعدة ثورات أجبرت اسبانيا على الموافقة على هجرة الكثير من
المسلمين المورسكيين إلى بلاد المغرب ..
عاش المورسكيون دهرا طويلا في أرض كانت إسلامية تُدعى الأندلس. و قد غلب الكفار
سنة 1492م على أرضهم فساموهم سوء العذاب و أرغموهم على التنصّر واعتقاد الكفر
والتثليث وأكل لحم الخنزير و شرب الخمر و التسمّي بالأسماء النصرانية ولباس الزى
النصراني ..., هذا و أجبروهم على التنصّل من كل اعتقادات المسلمين والتخلي عن المظاهر
الإسلامية الظاهرة والباطنة. و قد حكموا على من خالف ذلك بالموت شنقا وحرقا أو بالسجن
المؤبد أو المؤقت أو بمصادرة الأموال أو بالأشغال الشاقة إلى غير ذلك من لائحةالإرهاب
النصراني الطويلة. و قد أطلق النصارى الإسبان على هذه الطائفة من المسلميناسم
"الموريسكيون" Moriscos أي "المسلمون الأصاغر" تمييزا لهم و تصغيرا من
شأنهم. كما أطلقوا عليهم اسم " النصارى الجدد" Cristianos nuevos.
حاول المؤرخون الإسبان الذين عاصروا المورسكيين بإسبانيا رسم صورة لحياتهم الدينية
السرية و قد خرجوا جميعا بخلاصة مفادها أن صيام شهر رمضان و احترامه وتعظيمه
هو أكثر ما تشبث به المورسكيون رغم مرور العقود على تنصيرهم .