السجن مكان يحاسب فيه المجرم على ما اقترفه، ولكنه أيضًا مكان لإعادة تأهيل السجين،
إلا أنّ السجون على مدار التاريخ استخدمت لهدف غير ذلك. فكانت مكانًا لاعتقال النشطاء
والثائرين، وتعذيب المظلومين وقمع المضطهدين.
ظهرت السجون قديمًا، في مصر وبلاد ما بين النهرين، وكانت عبارة عن سجون حجرية
تحت الأرض، تستخدم للإبقاء على السجين لحين تنفيذ العقوبة بحقه.
إلا أنّ مفهوم السجن تغير، مع وصول الفكرة للإمبراطورية اليونانية، حيث تحولت الغرف
الحجرية المظلمة، إلى غرف خشبية يوضع المساجين فيها والسلاسل في أقدامهم، فيما
سمح لأقاربهم بزيارتهم.
إلا أنّ الامبراطورية اليونانية انهارت مع وفاة الاسكندر المقدوني، كي تسيطر عليها لاحقًا
الامبراطورية الرومانية، التي عززت من مسألة السجون وتفننت في تعذيب معتقليها.
فكانت الزنازين الضيقة تبنى تحت الأرض، وكان السجناء يقيدون بسلاسل ثقيلة أو يصبحون
عبيدًا.
أما في العصر الإسلامي فيعدّ أول من بنى السجون الإمام علي بن أبي طالب، فأسماه في
البدء "نافعًا" وكان سجنًا مبنيًا من القصب، في مدينة الكوفة العراقية، لكن ومع استطاعة
السجناء الهرب منه، عاد وبنى سجنًا من حجر وسماه "مخيسًا"، وكان قد ألقى في ذلك
شعرًا، جاء فيه: "أَما تَراني كَيِّساً مُكَيّسا، بَنَيْتُ بَعْدَ نافِعٍ مُخَيَّسا، بَابًا كَبِيرًا وأَمِيناً كَيِّسًا"،
لتعود السجون وتتطور تباعًا في العهد الأموي والعباسي.
أما في عصرنا اليوم، فيعرف عن سجون الدول العربية، أنها ملاذ الكتاب والشعراء
والفقهاء والثوار المعارضين لقادة دولهم، فيما توصف أنها الأسوأ سمعة في العالم.
لها أقبية يعذّب فيها سجانها مساجينهم، ويرتكبون بحقهم أفظع الفظائع.
ونذكر أبرز أسماء السجون العربية سيئة السمعة: سجن رومية في لبنان، سجن طرة
في مصر سجن تدمر في سوريا سجن برج الرومي في تونس وسجن الكاظمية في العراق.
وإلى المملكة المتحدة، حيث أحوال السجون كانت هي الأخرى شديدة القسوة، إلى أن جاء
عام 1166 ميلادي حيث أدخل ملك انكلترا، هنري الثاني، بعض الإصلاحات القانونية
ووضع أول مسودة لما عرف فيما بعد بنظام المحلّفين وفي عام 1215 وقّع ملك انجلترا
جون، أحد أهم وثيقة تاريخية عرفت باسم الميثاق الأعظم وتنصّ على عدم معاقبة أي
"رجل حر" إلا بموجب قانون الدولة، وهو قانون لا يزال قائمًا حتى هذا العصر.
وهنا نذكر أفضل سجون العالم، حيث يُقدر فيه الإنسان وتعطى له حقوقه وحرياته: سجن
"ني أنستالت" في غرينلاند، سجن "هالدن" في النرويج، سجن "سولينتونا" في السويد.
حيث تسمح بعض هذه السجون لروادها بمغادرته للذهاب إلى العمل أو الدراسة والعودة ليلًا
فيما كذلك تتمتع بتصاميم هندسية رائعة، وجودة في الفرش والممتلكات.