يعد المدرج الروماني في بصرى (مسرح بصرى) المعلم الأكثر أهمية في بلدة بصرى من
حيث الحجم والاكتمال والحفظ، وهو أيضاً من المسارح الرومانية القليلة التي بقيت سليمة
تماماً على مستوى العالم، وقد بدأ إنشاؤه حين اتخذ الإمبراطور الروماني تراجان بصرى
عاصمة للولاية العربية في إمبراطوريته، وذلك في العام 102م.
ويختلف المؤرخون في المعماري الذي خطط هندسته فمنهم من يقول أنه المهندس الروماني
فيتروفيوس ومنهم من يقول أنه أبولودور الدمشقي.
يجمع هذا الصرح العظيم بين روعة البناء ودقة الفن الجميل، وقد بقي محتفظاً بمعظم أقسامه
وسائر عناصر عمارته منذ العصر الروماني، أما المدرج فهو منحوت من الحجر البازلتي
ويظهر بكامل أقسامه وتبدو منصة التمثيل وجميع تفرعاتها غير منقوصة وهي مزينة
بمحاريب وأبواب كبيرة ويتوج البناء رواق مسقوف على الشكل المعروف في الملاعب الرومانية.
بني المسرح فوق قلعة نبطية لا تزال بعض أساساتها موجودة، وذلك قبل أن يهدمها الرومان
ويقوموا ببناء المسرح على أرض مستوية، استدارة المسرح نصف دائرية، وكذلك المدرج وباحة
الجوقة الموسيقية، ويصل ممران معقودان من اليمين واليسار بالأعمدة الدورية الباحة بالخارج
ومنصة التمثيل عريضة وقليلة الارتفاع نسبياً.
يبلغ قطر المسرح 102 متراً، وطول منصة التمثيل 45.5 متر، وعمقها 8.5 متر ويبلغ
ارتفاع المسرح 22 متراً، وتخترق المنصة أبواب تؤدي إلى الكواليس، وفي الجدارين
الجانبيين حول المنصة شرفات كان يجلس عليها حاكم الولاية وكبار الرسميين والزوار
ووراء الجدار الغربي للمنصة باحة مكشوفة للاستراحة. وفي المدرج 37 صفاً من المقاعد
المتصلة منها ما هو مخصص للشيوخ وآخر للفرسان والطبقة الوسطى ثم ممر تليه 5
صفوف للعامة. وتوصل إلى المستويات الثلاثة أدراج صاعدة تحت ممرات معقودة تسمح
بالدخول والخروج بدقائق. وذكر أن هذا المسرح كان يتسع إلى ما بين عشرة آلاف وخمسة
عشر ألف مشاهد. وكانت هندسة البناء تساعد المشاهدين على أن يروا ويسمعوا كل ما يجري
في باحة العرض بوضوح شديد.
قامت أعمال الترميم والتنقيب بين عامي 1946 و 1970 بإزالة المنشآت الضخمة فوق
المدرج والمنصة وإزالة الأنقاض والأتربة وأعادت للمسرح جدته ورونقه القديم، حيث
يستخدم اليوم للاحتفالات والمناسبات الفنية والثقافية كما تقام فيه فعاليات «مهرجان بصرى
السنوي.