توجد عدّة أحاديث شريفة تبيّن فضل يوم عرفة وصيامه، كتكفير الذنوب، والعتق من النار
وتنزّل الرحمات الإلهية، وهو يوم عيد للحجاج، ويوم تكبير، وهو أحبّ الأيام إلى الله. حُكم
صيام يوم عرفة للحاجّ وغيره تجدر الإشارة في البداية إلى أنّ شروط الصيام واحدة، سواء
صيام الفريضة أو النافلة، ولا يوجد ما يسمّى بـ "شروط صيام يوم عرفة"، أمّا حكم الصيام
يوم عرفة فبيانه فيما يأتي: حكم صيام يوم عرفة للحاج صيام يوم عرفة للحاجّ فيه تفصيل
عند الفقهاء كما يأتي:
الحنفية والمالكية ذهبوا إلى كراهة الصوم للحاجّ في يوم عرفة، وقيَّد الحنفيّة الكراهة بشرط
أن يُضعِف الصومُ الحاجَّ. الشافعية ذهبوا إلى جواز صيام عرفة للحاجّ، واشترط الشافعية أن
يكون الحاجّ مُقيماً في مكّة وذهب إلى عرفة في الليل، أمّا إن كان ذهابه إلى عرفة من مكّة
في النهار فصيامه مُخالف للأولى، بينما يُسَنّ الفِطْر للمسافر مُطلقاً عند الشافعية. الحنابلة
يُستحَبّ عندهم أن يصوم الحاجّ يوم عرفة، إلّا أنّهم اشترطوا أن يكون وقوفه في عرفة في
الليل، وليس في النهار؛ فإن وقف فيه في النهار فصومه مكروه. ويُشار إلى أنّ السبب في
استحباب الفِطر في يوم عرفة لِمَن كان واقفاً في عرفة أنّ الحاجّ بفِطره يقوى على الطاعة
والدعاء؛ فالصوم قد يُتعِب الحاجّ ويُضعِفه عن الدعاء، والإكثار من الصلاة، والذِّكر؛ فيوم
عرفة يوم ذكر ودعاء.
وقد أفطر النبيّ صلّى الله عليه وسلّميوم عرفة، قالت لبابة بنت الحارث: (أنَّ نَاسًا تَمَارَوْا
عِنْدَهَا يَومَ عَرَفَةَ في صَوْمِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: هو صَائِمٌ، وقالَ
بَعْضُهُمْ: ليسَ بصَائِمٍ، فأرْسَلَتْ إلَيْهِ بقَدَحِ لَبَنٍ وهو واقِفٌ علَى بَعِيرِهِ، فَشَرِبَهُ).
كرِه بعض الفقهاء صيام يوم عرفة للحاجّ؛ وذلك حتى يقوى على الطاعة، واستحبّه آخرون
إذا كان وقوفه في عرفة ليلاً لا نهاراً، والحكمة من كون الصيام خلاف الأولى للحاجّ؛ حتى
لا يضعف ويتعب عن أداء الطاعات والعبادات المستحبّة في هذا اليوم. حكم صيام يوم عرفة
لغير الحاج يُندَب لغير الحاجّ صيام يوم عرفة، وهو سنّة مؤكدة في حقّه، لقول النبي -صلى
الله عليه وسلم-: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي
بَعْدَهُ).
حكم صيام يوم أو أكثر قبل يوم عرفة
يستحبّ صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة باتّفاق الفقهاء، والتي تسبق عرفة،
سواء للحاج أو غيره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما مِن أيَّامٍ العمَلُ الصَّالحُ فيهنَّ
أحبُّ إلى اللَّهِ مِن هذهِ الأيَّامِ العَشر).