فى تاريخ الأدب نجحت أقلام القصاصين فى الترويج لشخصيات كثيرة وتصويرها على
غير حقيقتها، ومن هذه الشخصيات (جحا) رمز الدعابة الفلسفية الساخرة، وبعيدا
عن الدراسات المطولة التى تؤكد على ذكاء جحا وفطنته ودهائه رغم تصنيف نوادره
مع اخبار الحمقى والمغفلين نذكر بعض المواقف التى اتخذ فيها الغباء او التغابى
اسلوبا له فى الحياة مكيفا نفسه مع ظروف عصره، حيث كان مؤمنا بان الضحك
يقلب المأساة الى ملهاة، ومن نوادره فى مواجهة الطاغية تيمور لنك عندما سأله:
هل تعلم يا جحا أن خلفاء بنى العباس كان لكل منهم لقب اختص به، فمنهم الموفق
بالله والمتوكل على الله والمعتصم بالله والواثق بالله، لو كنت انا واحد منهم فماذا كان
يجب أن اختار من الالقاب؟ فرد جحا يا صاحب الجلالة لاشك بأنك كنت تدعى بلقب
(العياذ بالله)، وسأل جحا احد البخلاء لم لا تضيفنى فقال لجحا لأنك جيد المضغ سريع
البلع اذا اكلت لقمة هيأت اخرى، فقال جحا يا أخى أتريد اذا اكلت فى بيتك أن اصلى
ركعتين بين كل لقمتين؟! والنادرة الاشهر عند جحا هى ما يطلق عنه مسمار جحا حيث
باع جحا بيتا واستثنى منه مسمارا فى الحائط واشترط ألا يمنع من زيارة مسماره فى
اى ساعة من الساعات، لأنه عزيز عنده وقبل المشترى هذا الشرط وفى الصباح ساعة
الافطار دخل جحا ليزور مسماره فدعاه الرجل للافطار وفى الظهر ساعة الغذاء اقبل جحا
يتأمل مسماره فدعاه الرجل للغداء، وتوالت الزيارات فى اوقات مختلفة حتى فى اوقات
النوم والراحة، فضاق المشترى ذرعا فترك المنزل لجحا متنازلا عنه.
ان نوادر جحا وشخصيته وحياته الهمت الادباء والمفكرين الخيال القصصى، واصبح
مضربا للأمثال فى كل المواقف للخير والإصلاح والحكمة ومادة للتسرية وإضحاك النفوس.