أفاق "عبد الحى" من غيبوبة لازمته سنوات، قيل خمسة أو عشرة، انتشر خبر
عودته من رقدته بسرعة البرق فقد علم الجميع الكارهين لعودته المتيّمين به قديماً
سرعان ما أطلّت أسئلة أظلّتهم كغمامة: لماذا عاد الآن؟ أبعث من جديد؟ هل سيصطحب
معه ذاكرته الحديدية؟
" عبد الحى" رجل طاعن فى السن، تعدّدت زيجاته، استقرت على أربعة حسب الشرع
أنجب منهن عدداً من البنين والبنات يفوق الحصر، كما اتفقوا معه فى كثير، ثرى
بإفراط، يقطن مع أهله ببيت متعدد الطوابق، بمنطقة منعزلة بنهاية "ميدان الحواتم"
عند اتصاله بالطريق الدائرى، قيل إن سبب غفوته الطويلة كراهيته الشديدة لصخب
السيارات المارة بجواره .
ذات يوم، قبيل المغرب، نام قليلاً كما يفعل، علا شخيره، كان صدره يهبط، يعلو
بانتظام، أبى أن يصحو فى موعده.
فشلت محاولات إفاقته الطبية، كما عجز دجّال الحى مستعيناً بزمرة من الهوام
والجان، فتركناه وشأنه، انشغلنا عنه بصراع نشب بيننا حول ثروته، فلمّا أتانا
نبأه، أسرعنا لحكيم نلتمس مشورته، كان أكثرنا ضجراً، ترك ما بيده مضطراً،
قلّب عينيه فى وجوهنا، ثم نطق : من منكم أفاق من غيبوبته؟.