قال المصنف رحمه الله تعالى : ( ويتحتم وجوب ذلك على كل مسلم بالغ
عاقل طاهر قادر مقيم ، فأما الكافر فإنه إن كان أصليا لم يخاطب [ به ]
في حال كفره ; لأنه لا يصح منه ، فإن أسلم لم يجب عليه القضاء ; لقوله
تعالى { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } ولأن في إيجاب
قضاء ما فات في حال الكفر تنفيرا عن الإسلام ، وإن كان مرتدا لم يخاطب
به في حال الردة ; لأنه لا يصح منه ، فإن أسلم وجب عليه قضاء ما تركه
في حال الكفر ;لأنه التزم ذلك بالإسلام فلم يسقط عنه بالردة كحقوق الآدميين ) .
الحاشية رقم: 1
وقوله : يتحتم وجوب ذلك أي وجوب فعله في الحال ، ولا بد من هذا التفسير
لأن وجوبه على المسافر والحائض متحتم أيضا ، لكن يؤخرانه ثم يقضيانه
(وقوله) في الكافر الأصلي لم يخاطب به ، أي لم نطالبه بفعله وليس مراده
أنه ليس بواجب في حال كفره فإن المذهب الصحيح أن الكفار مخاطبون بفروع
الشرع في حال كفرهم ، بمعنى أنهم يزاد في عقوبتهم في الآخرة بسبب ذلك
ولكن لا يطالبون بفعلها في حال كفرهم
(وقوله) في المرتد : لم يخاطب في حال الردة معناه لا نطالبه بفعل الصوم
في حال ردته في مدة الاستتابة ، وليس مراده أنه ليس واجبا عليه ، فإنه
واجب عليه بلا خلاف في حال الردة ، ويأثم بتركه في حال الردة بلا خلاف
ولوقال المصنف كما قال غيره : لم نطالبه به في ردته ولا يصح منه ، لكان
أصوب . والله تعالى أعلم . قال أصحابنا :
لا يطالب الكافر الأصلي بفعل الصوم في حال كفره بلا خلاف ، وإذا أسلم لا
يجب عليه قضاؤه بلا خلاف ، ولو صام في كفره لم يصح بلا خلاف سواء
أسلم بعد ذلك أم لا ؟ بخلاف ما إذا تصدق في كفره ثم أسلم ، فإن الصحيح
أنه يثاب عليه ، وقد سبقت في أول كتاب الصلاة . وأما المرتد فهو مكلف به
في حال ردته ، وإذا أسلم لزمه قضاؤه
بلا خلاف كما ذكره وقال أبو حنيفة : لا يلزمه قضاء مدة الردة إذاأسلم .
كما قال في الصلاة ، وسبقت المسألة مبسوطة في أول كتاب الصلاة ،