صالح المحلاوى
اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 18119 تاريخ التسجيل : 15/11/2011 الموقع : المحلة - مصر المحروسة العمل/الترفيه : اخضائى اجتماعى المزاج : متوفي //
| موضوع: لماذا خلق الله الكون؟ الجمعة 19 أبريل 2013 - 6:49 | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة لماذا خلق الله الكون ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ في عَصر وطأتْ أقدامُ البَشرِ فيه ثرى القمر وغدا الفضاءُ مزحماً بمئاتِ الأجرام المُصنعة تتلأُ في كبدِ السماءِ.. (غسانُ) مستلقٍ على فراشه الذي أعدَّ له على سطح الدارِ يُراقبُ حركةَ هذه المركبات الفضائية التي لا تختلفُ بحجمها للرائي عن الأَجرامِ الربانيةِ التي تُزيينُ السماء بأعدادٍ لا نهايةَ لها.
بدأ يفكرُ بأنَ حركة هذه المركبات والإجرام لابد أن تكونَ مدروسةً ومحسوبةً سلفاً وإلاّ لحدثَ التصادمُ فيما بيَنها فحركتها لا تختلف عن حركة الطائراتِ التي لابد وان ملاحيها قد درسوا مساراتهم وخبروا طرقهم بدقةٍ ونظامٍ وزمنٍ محسوب، فأيُ خللٍ مهما تناهى في بساطته يكون قريباً جداً من كارثةٍ محتملة... أغمضَ عينيهِ بُرهةً ثم عادَ لينظر السماءَ، هذا هُوَ القمرُ بأشعتهِ الفضية يملأ الكون بهاءً ومن حوله تتناثَرُ النجومُ كأنها القلائدُ الماسيةُ على جيد الحسناءِ... يَدورُ حولَ نفسهِ وحولَ الأرض.. الأرض كذلك تدور... الشمسُ هذا المنجم العظيم الذي يمنحُ الأرضَ الدفء والحياة عبر أشعتها الذهبية.. هذا.. وهذا، وتلكَ.. وهذهِ.. حتى أخذ الأرقُ يدبُ في أزقةِ ذاكرته ولم يدرِ في أي ساعةٍ متأخرةٍ من الليل أدركهُ النوم.. ولحسن طالعهِ كان ذلك اليوم هو يومُ عطلته الأسبوعية.. استيقظ متأخراً وقبل أن يتناولَ فطورهُ ولج لمكتبته وجالَ بنظراته نحو عناوين كتُبها فلم يعثر على ضالتهِ حيثُ أنهُ قد قرأ معظمها قراءةً مستفيظة.. وخرج منها بأن الكونَ قد خلقَ نفسه عبر الأزمنةِ.. فتمتم مع نفسه هل يُعقلُ هذا.. فأنا مثلاً استيقظت من نومي ونهضتُ بإيعازٍ وها أنذا أحرك أطرافي كيفما أشاء ولكن عبر شبكةٍ من الإشارات الصادرة عن مركز (الدماغ) أليسَ هذا ما أقره العلم.. وأي معملٍ كذلك يتسيد فيه العقل البشري لرسم خطوط إنتاجه والإشراف على كيفية اشتغال منظوماته.. بيتي هذا الذي أمكثُ فيه أنا مَن رَسَم خارطة بنائهِ وأشرف على إنشائه ومن ثمَ وزعت الغرف على أفراد أسرتي... أنا لستُ فرويدياً ولا ديكارتياً.. (استغفرُ الله) فأنا عبدٌ من عبادهِ مؤمنٌ بوحدانيتهِ وقدرتهِ على الخلق ولكني أتساءلُ دائماً لماذا خلقَ الله الكون ولأجلِ ماذا فتحضرني عدةُ أجاباتٍ لم تكن أدلتها تدركني بالصواب القاطع فتذكرتُ كيفَ أن الشيخ الكوراني في حديثه عن أدلة ظهور الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) قال: إن حرباً ضارية ستحدثُ قبل ظهور الإمام بفترةٍ وجيزةٍ على كنزٍ يقعُ تحت مجرى الفرات، فمنهم مَن قال انه كنز ذهب ومنهم من ذهَبَ على أنه معدنٌ آخر كالماس أو اليورانيوم.. ولكن هناك رأياً وجدتُ فيه ضالتي بأن تلك الحرب الضروس ستقوم بسبب قطع الماء من بلد المنبع بتحويله إلى السدود العملاقة.. فالماءُ بذاته هو الكنز.. (وجعلنا من الماء كلَ شيءٍ حيٍ)، بهذا أقتنعتُ وغيري لربما يقتنعُ بسببٍ آخر.. فعدتُ أدراجي لأجدَ فطوري قد أعدَ ولكني منشغلٌ عنه.. وقلتُ لا بأسَ، فتناولتُ قليلاً منه... جلستُ متأملاً برهة... وإذا بطرقاتٍ متتاليةٍ على باب داري وكانَ الطارق الشيخُ الرضا وبصحبته أبو محمد الأمين.. دخلا الدار وجلسا، وبعد أن شربا الشاي تأملني الشيخ وأدركني ببصيرته قائلاً: ... أنت منشغل عنا. قلت: لا يا شيخ. قال: بلى أراكَ شاردَ الذهن ولم أعهد هذا فيكَ من قَبلُ، قلتُ: يا شيخ رضا لا أكتمُك سِراً.. فلعلَ الله أرسلك لتنوِّرَ بصيرتي.. فقال لي أبو محمد: ما الذي يشغلك؟ فإن كان للدنيا.. فلسنا بحاجةٍ لأن نشغل أنفسنا فيما لا ناقة لنا فيه ولا جَمل، فلك بضاعتُكَ إن بعتها لم نشارككَ نصيبها، هنيئاً لك ما تكسب.. على أن يكون للهِ فيه رضاً وللناسِ فيه خيرٌ (كان يعرفُ أني أعمل بالتجارة إضافة لعملي الوظيفي) ثم قال: إن قليلاً من الحرام يأكلُ الكثير من الحلال، فلا تلوث نفسكَ فيه ليلاحقك غضب الله في في حِلِكَ وترحالك. فقلت لأبي محمد: يا أخي في التوحيد، إن ما يشغلني سؤالٌ واحد لا غير. قال: وما هو؟ قلت: لماذا خلقَ الله هذا الكون؟
فردَ عليَّ قائلاً: قال سبحانه: (لنبلونكمُ أيكم أحسنُ عملاً) وقال: لقد خلقنا الإنسان في كَبَد وما هذهِ الحياة إلا قاعة امتحانٍ رباني للمرء أما الجواب عن سؤالك فإن للشيخ رأياً قد بينهُ منذ زمن في أحدِ خُطبه لعله يُجيبك الآن عليه.
قالَ لي الشيخ رضا: كم كتاباً تقرأ في الشهر؟ فقلتُ: كتابينِ أو ثلاث. قال: الآنُ يشغلك سؤال عقلك الباطن وتبحثُ عن إجابةٍ له فلم تجد. وستكون هناك عدةَ أسئلة ستترى عليكَ فيما بعد فلو انكَ تحضر معنا مجالس المنبر. لم يعصيك تساؤولاً، فالخطيبُ يعطيك خلاصة وافية لقراءاته عشرات الكتُب عبر خطبةٍ واحدةٍ ذات بحثٍ منهجيٍ واحد فإن لم تتمكن من الحضور لسبب أو لآخر عليك بسماع أشرطة الخطابة ففيها ما يغنيك عن كل تساؤولٍ قد يردُ إلى ذهنكَ وما ذهبت إليه في تساؤولك قد أجبتُ عليه ولا أرى غير ما ذكرته في خطبتي يقيناً فيما قرأت. فقلت له: أخبرني يا شيخ رضا ما قلت في خطبتك عَطرَ اللهُ فاكَ بالمسك وحباكَ بالإيمان والبيان.
قال: أعلم يا أخي في الله، إن الله تعالى كان لا شيءَ معهُ واحدٌ أحد فردٌ صمد فخلقَ نورَ حبيبه المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) وخلقَ من نوره الماء والسماء والعرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار وبقيَّ هذا النور الإلهي ألف عام واقفاً يسبح لله. فقال الله للنور الذي خلقه. عبدي أنتَ المراد وأنا المريد وأنت خيرتي من خلقي فوعزتي وجلالي لولاك ما خلقتُ الأفلاك ولا الدنيا ولا الأرض فمنْ أحبكَ أحببته ومن أبغضك أبغضته فتلألأ نور رسول الله، فناداهُ الله يا حبيبي وسيد رسلي ويا أول مخلوقاتي وآخر رسلي، أنت الشفيع يوم المحشر، فخر النورُ ساجداً ثم قامَ وهو عرقانٌ فقطرت منه قطرات كان عددها مائة وأربعة وعشرون ألف، فخلق الله من كل قطرةٍ نبياً من أنبيائه. ومن نوره (صلى الله عليه وآله) خلق القلم وقال اكتب: فبقي القلم خائراً ولهاً ألف عام فلما أفاق قال اكتب لا إله إلا الله محمد رسول الله عليٌ ولي الله فخرَ ساجداً وهو يقول سبحان الواحد القهار سبحان العظيم الأعظم الجبار. ورفع رأسه منادياً يا رب ومن محمد الذي قرنت أسمهُ باسمك وذكرهُ بذكرك فقال الله عز وجل: (ما خلقت الخلق إلا لأجله فهوَ البشيرُ النذير والسراج المنير وحبيبٌ وشفيع عند ذاكَ نطق القلم قائلاً: السلام عليك يا رسول الله فقال الله تعالى وعليك مني السلام ولأجل ذلك صار السلامُ سنة والرد عليه فريضة.
ثم أراد الله خلق البشر فأمر جبريل أن يأتيه بقبضة من الأرض فسبقة إبليس (لعنه الله) إليها ليخبرها ان الله يريد أن يخلق منك خلقاً ويعذبه بالنار فإذا أتاك الملك فقولي أعوذ بالله منك ان أخذت مني شيئاً يكون للنار فيه نصيب فلما أتاها الملك جبرئيل قالت ما قاله لها فرجع ولم يقبض منها شيئاً قائلاً: يا رب استعاذت بك فرحمتها وهكذا فعل ميكائيل ثم إسرافيلَ فبعث الله عزائيل فقالت له ما قالته للملائكة من قبله فلم يلتفت لقولها وقبض منها ورجع إلى الله فقال الله (جلتَ قدرته) ألم تتعوذ الأرض منك بي؟ قال بلى.. ولكني لم التفت إليها لأن طاعتك أولى لها من رحمتي لها.. فقال الله تعالى: اعلم أني سأخلقُ منها أنبياء وصالحين وغيرهم وأجعلك تقبضُ أرواحهم. فبكى عزائيل لما سمع ذلك وقال: إذا كنت كذلك كرهوني الخلائق فقال الله تعالى: (لا تخف فإني أخلق لهم عللاً ينسبون الموت إليها) ثم أمر جبرئيل بأن يأتيه بالقبضة فخلق منها آدم وأمرَ الملائكة بالسجود له فسجدو إلا إبليس وأنت تعرف قصته.
فقلتُ: بلى بلى يا شيخ.
فاستمر قائلاً: لما فتح آدم عينه رأى مكتوباً على العرش لا إله إلا الله محمداً رسول الله علي ولي الله ثم سمع تسبيحاً وتقديساً فقال آدم: يا رب ما هذا، قال: هذا تسبيحُ محمدٍ خاتم الأنبياء والمرسلين وسيد الأولينَ والآخرين.. فخذ بعهدي ولا تودعه إلا في الأصلاب الطاهرة والأرحام الزكية من الرجال والنساء. فانتقل ذلك النور عبره حتى نبينا إبراهيم ومن ثم إلى هاشم الذي كان نور محمدٍ واضحاً على وجهه وكان هاشمُ لا يَمُر بحجرٍ أو مَدَر إلا ويناديه أبشر يا هاشم فإنه سيظهرُ من ذريتك أكرم الخلق على الله وأشرف العالمين إضافة إلى نبؤاتِ كهنتهم وأحبارهم الذي قرأوا ذلك في كتبهم وبشروا بقربِ ولادته (صلى الله عليه وآله).. لقد خلق الله الكونَ بأجمعه من أجل محمدٍ وآل بيته الطاهرين الذين كتب الله أسماؤهم على عرشه المقدس وانتقل نوره الرباني عبر آدم إلى عبد الله وآمنه بنت وهب (رضوان الله عليهما) ولعلي في هذا القليل قد بلغت الصواب وأمطتُ النقاب عن الحقيقة بالجواب.
فأجبته أدركتها يا شيخ رضا وفقك الله فهل من مزيدٍ قال بلى، ولكن قمْ معنا لزيارة أحد المرضى فهوَ قريب من دارك ففي ذلك أجرٌ وثوابٌ ورضاً لله ومواساةٌ للمريض الذي ينتظرُ منها الزيارة والشفاء ببركةِ الدعاء لهُ، ولعلنا نجتمعُ ثانية فأروي لكَ ما تحب... فشكرتُ الشيخ الرضا وأبو محمد على زيارتهما لي ونهضت معهما لزيارة المريض الذي لم أعرفه من قبل ولكني أبغي من وراءِ ذلك كسب رضا الله.. فلعلي أوفقُ لما يرضيه بخالص طاعته.
|
|