سرعة الأيام مخيفة، ما إن نضع رأسنا على الوسادة إلا ويشرق نور الفجر، وما
إن نستيقظ إلا ويحين موعد النوم، تسير أيامنا بسرعة والاموات تتسابق امامنا
كان ابنُ عمرَ رضِي اللهُ تعالَى عنه يقولُ : إذا أصبحتَ فلا تنتظِرِ المساءَ ، وإذا
أمسيْتَ فلا تنتظِرِ الصَّباحَ ، وخُذْ من صِحَّتِك لمرضِك ، وفي حياتِك لموتِك/أخرجه
البخاري
قال الفضيل بنُ عياضٍ لرجل: كم أتى عليك؟
قال: ستون سنة.
قال: فأنت مُنذ ستين سنة تسير إلى ربك؟! يوشِكُ أن تبلُغ.
فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون.
قال الفضيل: أتعرف تفسيره؛ تقول: إنا لله و إنا إليه راجعون!! فمن علِم أنه
لله عبد، وأنه إليه راجع؛ فليعلم أنه موقوف، ومن علِم أنه موقوف؛ فليعلم
أنه مسئول، فليُعِدَّ للسؤال جوابا.
فقال الرجل: فما الحيلة؟
قال: يسيرة.
قال: ما هي؟
قال: تحسن فيما بقي يغفرْ لكَ ما مضى؛ فإنك إن أسأت فيما بقي، أُخِذتَ بما
مضى وما بقي، والأعمالُ بالخواتيم.
ومن لم يزده الســنُّ ما عاشَ عبرةً *** فذاك الذي لا يســتنير بنــــــورِ
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ ﴾
لحظة حصاد تنسيك تعبك
أعمل لهذا اليوم
إذا دعتك اللذة والشهوة إلى المعصية فتذكر ما يأتي بعدها من الحسرة والندامة
وارفع رأسك وانظر ببصرك إلى مستقبلك الحقيقي إلى الحياة الحقيقية التي خُلقت
لها حتى لا تقول كما قال الخاسر يا ليتني قدمت لحياتي، قال الله تعالى
{كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ (21) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22)
إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25)
كَلاَّ إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28)
وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30) فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (31)
وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34)
ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35) أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى (36)}
[سورة القيامة
وإذا أصابك الفتور والضعف، وتثاقَلتْ نفْسُك عن الطاعة؛ فتذكر يومًا تقف فيه بين
يدي الله لا ينفعك فيه إلا العمل الصالح، قال الله تعالى {إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ
كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً (5) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً (6) يُوفُونَ
بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً
وَيَتِيماً وَأَسِيراً إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُوراً (9) إِنَّا
نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ
نَضْرَةً وَسُرُوراً (11) وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى
الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (13)}
[سورة الإنسان 76/5-13]
وروى أحمد (10560) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، فَتَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ ، وَيَكُونَ
الشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ ، وَتَكُونَ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ ، وَيَكُونَ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ ، وَتَكُونَ السَّاعَةُ
كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ ) والسعفة هي الْخُوصَةُ .
إنـا لنفـرح بالأيـامِ نقـطَعُها *** وكـلُّ يومٍ مضى يُدْني من الأجلِ
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدًا *** فإنما الرِّبح والخسران في العمل