اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 35540 تاريخ التسجيل : 25/02/2010
موضوع: أنت أرفع من الأحقاد الأربعاء 17 أبريل 2013 - 20:15
أسعد الناس حالاً وأشرحهم صدراً، هو الذي يريد الآخرة، فلا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، وإنما عنده رسالة من الخير ومثل سامية من البر والإحسان، يريد إيصال نفعه إلى الناس ، فإن لم يستطع، كف عنهم أذاه. وانظر إلى ابن عباس بحر العلم وترجمان القرآن، كيف استطاع بخلقه الجم وسخاوة نفسه وسعة مساراته الشرعية، أن يحول أعداءه من بني أمية وبني مروان ومن شايعهم إلى أصدقاء، فانتفع الناس بعلمه وفهمه، فملأ المجامع فقهاً وذكراً وتفسيراً وخيراً. لقد نسي ابن عباس أيام الجمل وصفين، وما قبلها وما بعدها، وانطلق يبني ويصلح، ويرتق الفتق، ويمسح الجراح، فأحبه الجميع، وأصبح بحق حبر الأمة المحمدية. وهذا ابن الزبير رضي الله عنه وهو من هو في كرم أصله وشهامته وعبادته وسمو قدره، فضل المواجهة مجتهداً في ذلك، فكان من النتائج أن شغل عن الرواية، وخسر جمعاً كثيراً من المسلمين، ثم حصلت الواقعة، فضربت الكعبة لأجل مجاورته في الحرم، وذبح كثير من الناس، وقتل هو ثم صلب ((وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا)). وليس هذا تنقصاً للقوم، ولا تطاولاً على مكانتهم، وإنما هي دراسة تاريخية تجمع العبر والعظات. إن الرفق واللين والصفح والعفو، صفات لا يجمعها إلا القلة القليلة من البشر، لأنها تكلف الإنسان هضم نفسه، وكبح طموحه، وإلجام اندفاعه وتطلعه.