( إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى )

( إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى ) إنما قرن بين الجوع والعري لأن الجوع

ذل الباطن ، والعري ذل الظاهر

يقول تعالى، مخبراً لآدم حين أسكنه الجنة، إن لك يا آدم أن لا تجوع فيها ولا

تعرى
قوله تعالى(إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى فيه

مسألتان،الأولى، قوله تعالى(إن لك أن لا تجوع فيها،أي في الجنة،ولا تعرى
عن ابن عباس قال،إنما سمي الإنسان لأنه عهد إليه فنسي
وقوله(وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) يذكر تعالى تشريف آدم وتكريمه وما

فضله به على كثير ممن خلق تفضيلاً

ويذكر تعالى فيها خلق آدم وأمره الملائكة بالسجود له تشريفاً وتكريماً ويبين

عداوة إبليس لبني آدم ولأبيهم قديماً
ولهذا قال تعالى(فسجدوا إلا إبليس أبى) أي امتنع واستكبر،فقلنا يا آدم إن

هذا عدو لك ولزوجك)يعني حواء عليهما السلام
(فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى)أي إياك أن تسعى في إخراجك منها فتتعب

وتشقى في طلب رزقك،فإنك ههنا في عيش رغيد هنيء بلا كلفة ولا مشقة
(إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى)إنما قرن بين الجوع والعري،لأن الجوع

ذل الباطن والعري ذل الظاهر،
وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى، فالظمأ حر الباطن وهو العطش،والضحى حر

الظاهر،وقوله(فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد

وملك لا يبلى)

أنه دلاهما بغرور،وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين، وقد تقدم أن الله تعالى

عهد إلى آدم وزوجه أن يأكلا من كل الثمار ولا يقربا هذه الشجرة المعينة في

الجنة،فلم يزل بهما إبليس حتى أكلا منها،وكانت شجرة الخلد، يعني التي من

أكل منها خلد ودام مكثه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن الله خلق آدم رجلاً طوالاً كثير شعر

الرأس،كأنه نخلة سحوق،فلما ذاق الشجرة سقط عنه لباسه،فأول ما بدا منه

عورته فلما نظر إلى عورته جعل يشتد في الجنة،فأخذت شعره شجرة فنازعها

فناداه الرحمن،يا آدم مني تفر،فلما سمع كلام الرحمن قال يا رب لا،ولكن

استحياءأرأيت إن تبت ورجعت أعائدي إلى الجنة،قال،نعم،قال(يا رب لا،ولكن

استحياء

أرأيت إن تبت ورجعت أعائدي إلى الجنة،قال،نعم، فذلك قوله(فتلقى آدم من ربه

كلمات فتاب عليه)
وقوله(وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) قال مجاهد،ينزعان ورق التين

فيجعلانه على سوآتهما
وقوله(وعصى آدم ربه فغوى،ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى)
عن أبي هريرة،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(حاج موسى آدم،فقال له

أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم،قال آدم،يا موسى،أنت الذي

اصطفاك الله برسالاته وبكلامه،أتلومني على أمر كتبه الله علي قبل أن يخلقني

أو قدره الله علي قبل أن يخلقني
قال الحارث،عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم،ثم علل ما يوجبه

ذلك النهي بما فيه الراحة الكاملة عن التعب والاهتمام فقال(إن لك أن لا تجوع

فيها ولا تعرىأي في الجنة، والمعنى،أن لك فيها أن تمتعاً بأنواع المعايش وتنعماً

بأصناف النعم من المأكل الشهية والملابس البهية فإنه لما نفي عنه الجوع والعري

أفاد ثبوت الشبع والاكتساء له،
إن لك أن لا تجوع فيها،أي في الجنة،ولا تعرى(إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى)
قال تعالى(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا)فاطر