حين يشكو أحدنا للآخر من الحب وآلامه وهمومه، يتبادر إلى ذهن هذا الآخر
سؤال مهم وهو : ما دمت تشتكي من الحب فلماذا أحببت؟
وعندها نحاول أن نجيب فلا نجد لدينا الجواب الشافي.
كما يعرف الجميع، فالحب لا يخضع لاختيار الشخص أو للزمان ولا للمكان
بل هي صدف تضع إنساناً ما بطريقك فيصبح مقرباً إلى نفسك، فترتاح إلى
وجوده المباشر أو غير المباشر، فينشأ الحب في الغالب.
وحين نسأل أنفسنا: لماذا نحب؟
نحتار في الإجابة لأن الإجابة تخضع لاحتمالات عدة منها:-
قد يكون لوجود صفات معينة نحبها في شخص ما تجعلنا نرتاح له/لها
ثم نحبه/نحبها.
وقد يكون الاحتياج العاطفي هو الذي ولّد الرغبة في الحب
وقد نحب للهروب من واقع مؤلم نعيشه أو بسبب الملل الذي نحس به
أو لخوض تجربة لكي نشعر بما يشعر به الآخرون الذين أحبوا ممن نعرفهم
أو نسمع ونقرا عنهم.
ومهما كان السبب فقد لا تنجح تجربة الحب هذه إذا افتقدت لمسببات الحب
الحقيقي.
فالحب الحقيقي يُبنى على قواعد متينة أساسها الصدق والثقة والوفاء وقبل
هذا وذاك الصراحة التي تؤدي إلى الراحة بين الطرفين . . ومتى ما توفرت
هذه الأساسيات فسيستمر الحب في كل الظروف
فإذا أحببنا حباً صادقاً فإن هذا الحب الصادق لن يتأثر بعاملي الزمان أو المكان
فهو لا يُحد بحدود ولا بزمن معين.
وحينما نحب فإننا لا نضع شروطاً معينة في من أحببناه فدائماً لدينا الاستعداد
لتقبله بكل ما قد يكون فيه/فيها من عيوب فمن يحب يحاول دائماً إيجاد الأعذار
لمن يحبه.
وتظهر صلابة الحب وصدق مشاعر طرفيه عندما يتعرض الحب للهزات المختلفة
فيصمد الحب إذا كان حباً حقيقياً وصادقاً لأنه بُني على الصراحة الصدق الثقة
والوفاء وينهار الحب المزيف فيهرب الطرف الغير صادق ويبدأ باختلاق الأعذار
فيبرر كذبته السابقة بكذبات جديدة.
وهذا الموقف يجعلنا نتساءل: هل من الممكن أن يمثل أحدنا دور المحب ثم
يختفي فجأة بدون مقدمات؟.
بمعنى آخر هل من الممكن تمثيل دور المحب واختلاق مشاعر كاذبة وخادعة
لكي يصل ذلك الشخص إلى هدف رسمه ثم ينتهي كل شيء بقرارٍ من طرف
واحد وبدون مبرر؟
أعتقد أنه في وقتنا الحاضر يوجد من يبيع أشياء كثيرة من أجل مصلحة ورغبة
دنيئة في نفسه وهنا يتبادر إلى أذهاننا هذا التساؤل الكبير وهو: ما ذنب الطرف
المخلص في حبه، إذا كان الطرف الآخر ممثلاً بارعاً سيء النية والهدف؟.
سيكون وقع الصدمة كبيراً وعنيفاً في البداية ليس بسبب فقدنا لمن أحببناه ولكن
بسبب ما أُهدر من مشاعرنا الجميلة وصدقنا في التعامل مع الطرف الآخر والذي
نتج عنها إعطائنا له مساحة كبيرة في حياتنا من مشاعرنا ووقتنا وتفكيرنا
والذي تبين لنا الآن أننا كنا قد خُدعنا فيه.
وهنا نصل إلى هذه خلاصة الموضوع وهي أنه يجب أن لا نجني على قلوبنا
ونسلمها بدون تمحيص لمن لا يستحقها، ونقول بأن الحب أعمى.
يجب أن لا يكون الحب مرتبطاً بالقلب فقط، بل يجب أن يكون للعقل دور في
ذلك.
وإن لم نفعل، فهذا يعني بأننا سنزيد من آلامنا وأحزاننا، وسنعيش بقلوب تنزف
باستمرار . . .
مما اعجبنى!!