هي المعاهدة التي أجبر الإنجليز الذين كانوا محتلين لإستانبول وقتها الخليفة
العثماني «محمد وحيد الدين» على توقيعها في 26 من ذي القعدة سنة
1338هـ، وكانت بشروط مهينة ومجحفة، وذلك من أجل إنقاذ خادمهم الأمين
وعميلهم المخلص الخائن مصطفى أتاتورك الذي انخفضت أسهمه بشدة بعد أن
أصدر شيخ الإسلام فتوى ضده باعتباره خارجًا عن أمر الخليفة، محاربًا لله
ولرسوله، وهذه الفتوى دعمت مركز الخليفة وانضمت إليه معظم الأقاليم العثمانية
ضد أتاتورك، ولما شعر الإنجليز أن أوراق أتاتورك على وشك الذبول والسقوط
أجبروا الخليفة على توقيع معاهدة سيفر، ثم أذاعوا بنود هذه المعاهدة بأسلوب
إعلامي مثير، فهاج الشعب ضد الخليفة وارتفعت شعبية أتاتورك.
كانت شروط هذه المعاهدة شديدة الإجحاف بالدولة العثمانية، إذ تعني تقسيم البلاد
بين الأوروبيين، فتسلخ بلاد العرب من الدولة، وتصبح إستانبول دولة وحدها،
ويلحق الجزء الأوروبي منها وجزر بحر إيجة باليونان، وتصبح أرمينيا دولة
مستقلة، وتعطى كردستان حكمًا ذاتيًا، وتوضع المضائق «البوسفور والدردنيل»
تحت إشراف هيئة دولية، ويحدد عدد الجيش ويخضع لتوجيه الحلفاء، وتوضع
مالية الدولة تحت إشراف الحلفاء، وتعطى الأقليات النصرانية امتيازات كبيرة
وإضافية، وكلها شروط كما نرى شديدة الإجحاف والظلم.
الجدير بالذكر أن إذاعة شروط هذه المعاهدة جاء في الوقت الذي كانت فيه جيوش
مقاطعات الأناضول كلها خاضعة للخليفة ومتجهة إلى «أنقرة» مقر نفوذ أتاتورك
للقضاء عليه أو إخضاعه، فلما أذيعت الشروط انقلبت هذه الجيوش على الخليفة
ورجعت عن أنقرة.