عرف خلق الوفاء منذ بدء الخليقة كمعنى سام فالانسان الوفي هو الانسان صاحب
الخلق الرفيع القادر على البذل و المنح باستمرار و الذي يقدر المعاني الجميلة في
حياتنا و يقدس الصلات المبنية على الاحترام والمحبة والتقييم فالانسان الوفي لا
يخون ابدا ايا كان ادلهمت الخطوب وايا كان تقلبت الليالي واختلفت الدروب هو
انسان صادق المشاعر سلس الطبايع انيس لمن اختارهم اصدقاء او خلان له
يقف معهم في الصعاب و يشاركهم افراحهم و مناسباتهم ان غاب عنهم افتقدوه
وان سالو عنه ذكروه فامتدحوه هو الصاحب بالسفر الموتمن على مشاعر الانس
ورقة نقدية نادرة في زمن قل فيه الاوفياء .
و تتعدد مظاهر الوفاء و مظاهرة في حياتنا ، فالمراة الوفية هي التي تحفظ
قرينها في ماله و تحفظه في غيبته فلا تخونه باي شكل من مظاهر الخيانة
فكم نشاهد من زوجات يغيب عنها قرينها لسفر او احتياج فتظل وفية له تذكره
بالخير باستمرار وتحن اليه وزوجات يرفضن الزواج بعد وفاة ازواجهن وعلى
الارجح تقدم لها العديد وتابى وكل هذا لوفايها لزوجها ومحبتها له وبالمقابل
نشاهد ازواجا اوفياء لزوجاتهم فهناك من يرفض ان يتزوج على قرينته اذا قد
كانت لا تنجب مثلا الى غير هذا من صور الوفاء فالوفي يخلد ذكرى صاحبه
وان غاب عنه و يرضى ان يقطن على ذكراه .
وقد اشتهر حيوان الكلب بالوفاء فعرف به فقيل كوفاء الكلب فالكلب وفي لصاحبه
اشد الوفاء يلازم صاحبه فلا يتركه و ان اعتدى عليه احد دافع عنه و رد الاذى
عن صاحبه وقد روي فيما يروى ان احد الكلاب بعد ان مات صاحبه جعل يذهب
الى قبره كل يوم ينام عنده برهة من الدهر ثم يرجع في هذا النهار الاخر ليعيد ذلك
المشهد ولايمل من هذا وقد يكون الوفاء بالمال واداء الحقوق والوفاء بالعهود فمن
يودي الامانات الى اصحابها هو انسان وفي ومن يحافظ على عهوده مع الناس هو
وفي ومن يحفظ سر اخيه ايضا هو وفي ، فما احوجنا في عصرنا ذلك الى خلق
الوفاء ننتهجه في حياتنا فنكون اوفياء مع اصدقاينا وانفسنا ومجتمعنا فنسمو
باخلاقنا وترتقي حضاراتنا بين حضارات الامم لتعود كما قد كانت كالشامة بين
الامم تناطح القمم .
منقول