عند تقليب بعض الأوراق الحكومية والرسمية الخاصة بالعائلة كدفتر العائلة
أو جواز السفر أو غيرها، تجد مكتوباً أمام خانة عمل الأم "ربة منزل"، وإذا
سألت أحدهم عن عمل زوجته أو أمه يقول: "أمي ربة منزل ... لا تعمل".
ولكن إذا نظرنا الى جميع مقاييس العمل العالمية وجدنا أنفسنا أمام وضع مختلف
فلو تحدثنا عن التعب والمشقة المصاحبة للعمل لوجدنا أن الأم أو "ربة المنزل"
هي من أكثر العمال الذين يعانون الأمرين خلال تأدية أعمالهم.
وإذا تحدثنا عن ساعات العمل؛ وجدنا أن ساعات العمل لا تتجاوز ثمان ساعات
فقط، ولكن في الحقيقة الأم ليس لها ساعات عمل محددة، وثمان ساعات يومياً
تكاد لا تكفيها للقيام بالمهام الدورية الإعتيادية المنزلية، أضف الى ذلك الجهود
الجبارة الإضافية التي تقوم بها الأم يومياً.
أما إذا تحدثنا عن الإجازات؛ فالعامل في أتعس الشركات يحصل على عطلة ليوم
واحد أسبوعياً، بالإضافة الى عطلته في المناسبات والأعياد الدينية والرسمية
وتخفيض ساعات الدوام خلال شهر رمضان الفضيل وعدد لا بأس به من الإجازات
المرضية التي يستحقها العامل.
في نفس الوقت الذي يأخذ الجميع إجازاتهم تعلن الأم حالة الطوارئ القصوى؛
فالطلبات ستزداد في ذلك اليوم ويحتاج أفراد الأسرة خلال عطلتهم الأسبوعية
الى طعام مميز ويتطلب ذلك المزيد من العمل، بالإضافة الى الحلويات وغيرها.
وفي الوقت الذي يقضي بعض العمال إجازاتهم المرضية في المنزل من أجل
الإستطباب والراحة؛ تسهر الأم لساعات عمل إضافية على راحة مريضها، وتكاد
لا تغفو لدقائق خلال تلك الليالي.
وإذا تحدثنا عن ساعات العمل الإضافية التي يحصل الموظف جراءها على مزيد
من الأجر والنقود، لا تجني الأم أية فوائد دنيوية جراء عملها الإضافي والذي
تراه في تعابير وجهها وتجاعيد يديها وإنحناء ظهرها.
إذن بكل مقاييس العمل والعمال العالمية نجد أن الأم أو "ربة المنزل" هي من
أكثر العمال المظلومين على وجه الأرض، ومما يزيد الأمر حنقة وصعوبة هو
عدم وجود إسمها في سجلات العاملين وبالتالي فهي "لا تعمل".
قبل أن تتحدث أن ربة المنزل لا تعمل راقب منزلك جيداً، فهي الخادمة النشيطة
والطاهية المحترفة، والطبيبة المتميزة، والناصحة الأمينة، والمشرفة المثالية
والمدرسة القديرة.
أضف الى هذا كله هو أن بعض نساءنا اليوم قد شاركت الرجل في عمله في
بعض المؤسسات والشركات، فتراها الطبيبة والمهندسة والمعلمة والممرضة
وعاملة التنظيفات وغيرها من الوظائف التي تميزت وأبدعت بها.