عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم خطبنا ذات يوم فقال أيها الناس أنه قد أقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة
والمغفرة شهر هو عند الله أفضل الشهور وأيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل
الليالى وساعاته أفضل الساعات .
هذا الشهر الكريم يحمل فى طياته ثلاث عطاءات رئيسية:الأول البركة والثانى
المغفرة والثالث الرحمة.
والبركة هى أول العطاءات الثلاثة وهى دوام الخير وثبوته بالزيادة والنماء
فالبركة فى النسل فالله يبارك فى الاولاد والبركة فى الطعام من خلال إشباع
عدد كبير من الناس والبركة فى الوقت أن يتسع الوقت إلى عمل أكثر شهر
رمضان يجزى الصائمون أجر مضاعف فيضاعف الله فيه الحسنات ويمحو
فيه السيئات.
أما الثانى المغفرة: فأن الله سبحانه وتعالى يفتح فيه أبواب المغفرة ويقبل
توبة التائبين ويعفو عن المذنبين التائبين ويستجيب لدعاء المخلصين فلا
عجب أن كل ليله من ليالى رمضان عتقاء من النار.
أما الثالث الرحمة: ينشر الله رحمته على عباده فى شهر رمضان ينزل
عليهم السكينة ويشملهم برضاه ويقربهم منه وينعم عليهم بواسع فضله
ويشملهم بعفوه وكرمه ويحفظهم من كل سوء فهو الحى القيوم وهو
على كل شىء حفيظ .
شهر رمضان وما فيه من أنواع العبادات والأعمال الصالحة وما يقع فيه
من الخير والإحسان هو من أعظم النعم التى امتن الله بها على عباده
واستحضار هذه النعم يقود إلى شكرها كما يقود إلى أعطاء رمضان ما
يستحقه من العبودية لله والاجتهاد فيه بالأعمال الصالحة .
ومحطة شهر رمضان ينبغى أن يتوقف أمامها المسلم طويلا لينهل ما
استطاع من الخير ليكون له زادا يؤهله للمسير طوال عام مقبل بما فيه
من مغريات وشهوات وشبهات وليكون ماحيا لعام مضى بما فيه من أوزار
وخطايا وسيئات.
ومن المؤسف أن الكثير من المسلمين اليوم يقضون ليالى هذا الشهر
الكريم أمام التلفاز دون أن يستثمروه فى العبادة والطاعة والتهجد
والدعاء وقد غاب عن أذهانهم أنه كما أن هذا الشهر المبارك شهر
البركة فتضاعف فيه الحسنات فأنه تضاعف فيه السيئات أيضا .