رحمة الله بعباده واسعة، وأفضاله علينا كثيرة، ونعمه على خلقه غزيرة، وعطاياه
لا تعد ولا تحصى سبحانه، ومن رحمة الله تعالى بالبشرية جمعاء أن بعث فيهم نبي
الهدى والرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ وجاءنا عليه الصلاة والسلام برسالات ربه حتى
يخرج الناس من الضلال إلى الهدى ومن الظلمات إلى النور ومن الظلم إلى العدل
والحق وجاء عليه الصلاة والسلام بأعظم رسالة وهي رسالة «التوحيد» التي
هي دعوة الأنبياء المرسلين عليهم السلام أجمعين.
نبينا صلى الله عليه وسلم قدوة للبشرية في كل جوانب الحياة بعثه الله متمماً
لمكارم الأخلاق والقيم الراقية والمبادئ الرصينة يقول عليه الصلاة والسلام:
«بعثت لأتمم صالح الأخلاق»، فعلينا أن نلتزم بأخلاقه وسلوكه عليه الصلاة
والسلام، وأن نتعلم من معاملاته مع الآخرين ونطبقها في حياتنا حتى يرتفع
قدرنا عند الله ويحبنا الناس.
كما أنه صلى الله عليه وسلم قدوة في عطفه ولينه، يجعل الرفق أساس التعامل مع
الناس جميعاً، لا سيما في أهله يعاملهم بطيبة وتودد، يقول عليه الصلاة والسلام:
إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه ويقول صلى الله
عليه وسلم:
من يحرم الرفق يحرم الخير فعلينا أن نقتدي بنبي الرحمة في عطفه وإحسانه وأن
نعامل الناس، لا سيما الأهل والأرحام باللين والمودة والتراحم وبأسلوب يحببهم
بنا، ولا نعاملهم بغلظة وأسلوب منفر وأن نراعيهم. يقول الله تعالى في سورة آل
عمران: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ»، علينا أن نتعلم الحكمة في جميع أقوالنا وتصرفاتنا، ونتعلم خلق
العفو والصفح ونطبق كل التعاليم السمحة في واقعنا فهو صلى الله عليه وسلم قدوتنا
في العبادات والطاعات وفي جميع أعمال البر والطاعات والمعاملات، ومن مقتضيات
محبتنا للنبي صلى الله عليه وسلم، أن نطيعه فيما أمر، وننتهي عما نهى عنه وزجر
يقول الله تعالى: «وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّه»
وهو قدوتنا عليه الصلاة والسلام في محبة الوطن وطاعة ولاة الأمر ونفع المجتمع
وتقديم الخير للإنسانية.