الرحمة: إرادة إيصال الخير للغير.
والرَّحْمَةُ رقّة تقتضي الإحسان إلى الْمَرْحُومِ.
والرحمة إنعام وإفضال وإحسان.
والتراحم بين الخلق يعني نشر الرحمة بينهم، يعني التآزر والتعاطف والتعاون
يعني بذل الخير والمعروف والإحسان لمن هو في حاجة إليه.
فضل الرحمة والتراحم:
يكفي الرحمة شرفا وقدرا أنها صفة من صفات الله عز وجل، يتضمنها اسمه
سبحانه: الرحمان، واسمه: الرحيم. فهو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما.
معنى الرحمن الرحيم:
قال ابن الأثير- رحمه الله تعالى-: في أسماء الله تعالى «الرّحمن الرّحيم»
وهما اسمان مشتقّان من الرّحمة، مثل ندمان ونديم. وهما من أبنية المبالغة
ورحمن أبلغ من رحيم. والرّحمن خاصّ بالله لا يسمّى به غيره، ولا يوصف.
والرّحيم يوصف به غير الله تعالى، فيقال: رجل رحيم، ولا يقال رحمن.
والرّحمة من صفات الذّات لله تعالى والرّحمن وصف، وصف الله تعالى به نفسه
وهو متضمّن لمعنى الرّحمة.
رحمة الله بعباده
وصف الله تعالى نفسه بالرحمة في كثير من الآيات القرآنية، فقال سبحانه:
﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾. وقال سبحانه:
﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾. وقال سبحانه: ﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾.
عن الحسن وقتادة، في قوله تعالى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾، قالا:
وسعت في الدّنيا البرّ والفاجر، وهي يوم القيامة للّذين اتّقوا خاصّة.
وفي الصحيحين عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّ
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي، إِذَا
وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ
صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ» قُلْنَا: لاَ، وَهِيَ
تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ، فَقَالَ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا»
وفي صحيح البخاري وغيره عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ:
إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي، فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ ".
وكل رحمة تراها في الوجود إنما هي من رحمة الله عز وجل.
في صحيح مسلم عَنْ سَلْمَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم- « إِنَّ
اللَّهَ خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقَ مَا بَيْنَ
السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَجَعَلَ مِنْهَا فِى الأَرْضِ رَحْمَةً فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا
وَالْوَحْشُ وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَكْمَلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ.
من رحمة الله قبول التوبة والعفو عن العاصين والمضطرين:
﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾
﴿ إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ
غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾.
﴿ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ
مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا ﴾.
﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾.
﴿ قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾.