( ذَلِك وَمَن يُعَظِّم شَعَائِر الْلَّه فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوْب )
فِي قلبك مِصْبَاح سَمَاوِي عَجِيْب ..
إِذَا اسْتَطَعْت إِشْعَالِه بِإِحْكَام
فَقَد أَشْرَق قلبك بِالْنُوْر وَتَوَهُّج ..
أَمَّا إِذَا أَهْمَلْتَه ،
فَلَا بُد أَن تَتَرَاكَم عَلَيْه كَمِّيَّات مِن غُبَار الْغَفَلات ،
وَصَدَأ الْزَّلات ، وَأَقْذَار الْهَفَوَات وَالْمَعَاصِي ..
حَتَّى إِذَا تَرَادَفَت وَتَرَاكَبَت طُبِع عَلَيْه بِطَابِع كَثِيف ،
فَلَا يَسْمَح بِمُرُوْر خَيْط مِن شُعَاع إِلَى دَاخِلِه _ وَالْعِيَاذ بِالْلَّه _
مِصْبَاحَك فِي قَلْبِك
ثِق أَن بِمَقْدُوْرِك فِي لَحْظَة أَن تَتَلَمَّس الْطَّرِيْق إِلَى زِر الْإِضَاءَة ..
ثِق أَنَّك تَسْتَطِيْع فِي يُسْر
أَن تُدِيْر الْمَوْلِد لِيَشْتَعِل مِصْبَاحَك حَتَّى يَتَوَهَّج فِي رَوْعَة ..،
فَإِذَا هُو كَوْكَب دُرِّي يُوْقَد مِن شَجَرَة تَعَالِيْم الْلَّه لِيُضِيء لِلْآَخِرِين الْدَّرْب ..
ثِق أَن مِصْبَاحَك بِمُجَرَّد أَن يُضِيْء ،
يَنْكَشِف بَيْن يَدَيْك الْطَّرِيْق كُلِّه أُوَضِّح مَن الْضُّحَى
وَسَرَعَان مَا تَنْكَشِف لْبَصِيرَتك حَقّائِق كَثِيْرَة
كَانَت مَحْجُوْبَة عَنْك بِسَبَب الْغُبَار وَالْصَّدَأ وَالْأَقْذَار
ثِق .. إِنَّك طَالَمَا بَقِيَت بَعِيْدَا عَن هَذِه الْمَعَانِي ،
فَلَا تَزْعُم أَنَّك سَعِيْد ..
حَتَّى لَو تَوَهّمَت ذَلِك
مِن خِلَال مُتْعَة وَقْتِيَّة لَحْظِيَّة مَع شَهْوَة يُزَيِّنُهَا لِعَيْنَيْك الْشَّيَاطِيْن .
وَمِن هُنَا فَلَا تَعْجَب أَبَدَا إِذَا سَمِعْت يَوَمَا أَو قَرَأْت قَوْل الْقَائِل
قُلُوْب الْعَارِفِيْن لَهَا عُيُوْن *** تَرَى مَا لَا يُرَى لِلنَاظِرَيْنا
مِصْبَاحَك فِي قَلْبِك
فِي الْسَّمَاء يَتَلَأْلَأ الْقَمَر فِي الْلَّيَالِي الْشَّاعِرِيَّة ، فَإِذَا الْدُّنْيَا قَصِيْدَة شِعْر .
وَلَكِن ..
فِي دَاخِل الْإِنْسَان يَتَلَأْلَأ مِصْبَاح الْقَلْب يُنَوِّر الْإِيْمَان.. فَإِذَا الْدُّنْيَا غَيْر
الْدُّنْيَا وَإِذَا عَوَالِم وَآَفَاق ، وَرِحَاب وَاسِعَة ،
وَجِنَان ، وَنَعِيْم وَقُطْوَف دَانِيَة كَثِيْرَة الْثِّمَار ، كَثِيْرَة الْبَرَكَات ..
حَتَّى أَن صَاحِبَهَا لِيَقِف وَعَيْنَاه تَتَرَقْرْقَان بِدُمُوْع شَكَر سَخِيَّة
وَهُو يَهْتِف فِي وَجْه الْدُّنْيَا ::
أَنَا جَنَّتِي فِي صَدْرِي .. وَبُسْتَانَي فِي قَلْبِي .. أَيْنَمَا ذَهَبَت فَهِي مَعِي ..
تِلْك هِي جَنَّة الْعَيْش فِي رِحَاب الْلَّه ، مُقْبِلا عَلَيْه ، غَيْر مُنْصَرَف إِلَى سِوَاه ..
فِي نَعِيْم فِي الْدُّنْيَا .. وَفِي الْبَرْزَخ .. وَفِي الْآَخِرَة ..
كَمَا قَال تَعَالَى: {اعْلَمُوْا أَنَّمَا الْحَيَاة الْدُّنْيَا لَعِب وَلَهْو وَزِيْنَة
وَتَفَاخُر بَيْنَكُم وَتَكَاثُر فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد كَمَثَل غَيْث
أَعْجَب الْكُفَّار نَبَاتُه ثُم يَهِيْج فَتَرَاه مُصْفَرّا ثُم يَكُوْن حُطَامَا
وَفِي الْآَخِرَة عَذَاب شَدِيْد وَمَغْفِرَة مِّن الْلَّه وَرِضْوَان
وَمَا الْحَيَاة الْدُّنْيَا إِلَا مَتَاع الْغُرُوْر (20 ) (سُوْرَة الْحَدِيْد 57/20)
( إِن الْأَبْرَار لَفِي نَعِيْم ) الْإِنْفِطَار : 13 :14
(جَعَلْنَا الْلَّه وَآيَّاكُم مِنْهُم )