سدانة الكعبة المشرفة هي خدمتها والقيام بشئونها وفتح بابها وإغلاقه ويعرف
الذين يقومون بذلك السدنة وهم السدانة ويسمونها بالحجابة لأنهم يحجبون الكعبة
عن العامة ومنذ بناء إبراهيم الخليل عليه السلام الكعبة المشرفة لعل السدانة كانت
بيد ابنه إسماعيل عليه السلام الذي تولى رفع القواعد من البيت مع والده إبراهيم
عليهما السلام وبقي إسماعيل بجوار بيت الله الحرام يقوم على خدمته وانتقلت بعد
ذلك إلى أبناء إسماعيل عليه السلام مدة طويلة ثم اغتصبها منهم جيرانهم وأخوالهم
جرهم ثم اغتصبها خزاعة من جرهم ثم استردها منهم قصي بن كلاب وهو من
أبناء إسماعيل وهو الجد الرابع للنبي (صلى الله عليه وسلم) ثم صارت من بعده في
ولده الأكبر عبد الدار ثم صارت في بني عبد الدار جاهلية وإسلامًا ولم تزل السدانة
في ذريته حتى انتقلت إلى عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد الله بن عبد العزى
بن عثمان بن عبد الدار بن قصي وقد مات عثمان ولم يعقب فصارت إلى ابن عمه
شيبة بن عثمان ولا تزال في يد ولده إلى الآن ولما أشرقت شمس الإسلام يوم فتح
مكة المكرمة أخذ نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) من عثمان بن طلحة بن أبي
طلحة سادن الكعبة المفتاح وفتح بابها ودخلها بعد تطهيرها من الأصنام وروى ابن
عمر رضي الله عنهما قال أقبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عام الفتح على
ناقة لأسامة بن زيد حتى أناخ بفناء الكعبة ثم دعا عثمان بن طلحة فقال ائتني
بالمفتاح فذهب إلى أمه فأبت أن تعطيه فقال والله لتعطينه أو ليخرجن هذا السيف
من صلبي فأعطته إياه فجاء به إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فدفعه إليه
ففتح الباب ثم دخل النبي (صلى الله عليه وسلم) وبلال وأسامة بن زيد وعثمان
بن طلحه وأمر بالباب فأغلق فلبثوا فيه مليا ثم فتح الباب » ثم بعد ذلك أعطى
النبي (صلى الله عليه وسلم) المفتاح لعثمان بن طلحة بعد أن خرج من الكعبة
المشرفة وقال خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم وأنه
قد جرت العادة أن يوضع مفتاح باب الكعبة المشرفة لدى أكبر السدنة سنًّا وهو
السادن الأول وعند فتح الكعبة يشعر السادن الأول جميع السدنة الكبار منهم بوقت
كاف ليتمكنوا من الحضور جميعًا إن أمكن ذلك أو بعضهم ؛ وذلك ليقوموا بغسلها
بمعية ولي الأمر والأمراء وضيوفه الكرام وفي الوقت الحاضر تغسل الكعبة من
الداخل مرتين وذلك بمعية السدنة بعد القيام بفتح باب الكعبة.