أبدع الإمام الطبراني رحمه الله في كثير من العلوم، فإلى جانب تبحره في علم
الحديث، كانت له معرفة واسعة في علم التفسير، وقد صنف العديد من الكتب
الممتعة النافعة، وأثنى عليه كثير من العلماء والمحدثين حتى عُدَّ أحفظ رجال
عصره.
نسب الطبراني ومولده
هو الإمام الحافظ الثقة الرحال الجوال محدّث الإسلام وعلم المعمّرين، أبو القاسم
سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي الطبراني نسبة إلى طبرية
مفسر ومن كبار رجال الحديث في زمانه ولد سنة 260هـ= 873م قيل:
كان مولده بمدينة عكا وقيل: بطبرية الشام وقد عُمِّرَ العُمْرَ الطويل، وانتشر حديثه
في الدنيا
رحلة الطبري في طلب الحديث
كان الطبراني إمامًا كبيرًا ثقة عارفًا بالعلل والرجال وكان حافظ عصره بدأ رحلته
في طلب الحديث في سنة 273هـ وحينئذ كان عمره ثلاث عشرة سنة فرحل إلى
الشام وبغداد والكوفة والبصرة وأصبهان والحجاز واليمن ومصر وبلاد الجزيرة
وغير ذلك، وأقام في رحلته ثلاثًا وثلاثين سنة ، سمع خلالها الكثير من الشيوخ
والعلماء حتى وصل عدد شيوخه إلى ألف شيخ منهم:
أبو زرعة الدمشقي والنسائي وقد سُئل الطبراني عن كثرة حديثه فقال: كنت
أنام على البواري ثلاثين سنة.
كان الإمام الطبراني حسن المحاضرة طيب المشاهدة أثنى كثير من العلماء
والمحدثين عليه، فذكر الذهبي كثيرًا من محاسنه في كتبه ومؤلفاته: فقال عنه:
هو" الحافظ المشهور مُسْنَد الدنيا" وقال: كان من فرسان هذا الشأن مع الصدق
والأمانة وقال:
هو الإمام الحافظ الثقة الرحال الجوال محدث الإسلام، ولم يزل حديث الطبراني
رائجًا، نافقًا مرغوبا فيه وغير ذلك، كما قال عنه ابن الجوزي:
كان الطبراني من الحفّاظ الكبار وله التصانيف الحسان وقال ابن عُقدة: ما
أعلمُني رأيت أحدًا أعرف بالحديث، ولا أحفظ للأسانيد من الطبراني.
أيضًا قال الوزير ابن العميد: ما كنت أظن أن في الدنيا حلاوة ألذ من الرئاسة
والوزارة التي أنا فيها حتى شاهدت مذاكرة سليمان بن أحمد الطبراني وأبي بكر
الجعابي بحضرتي، فكان الطبراني يغلب الجعابي بكثرة حفظه، وكان الجعابي يغلب
الطبراني بفطنته وذكاء أهل بغداد، حتى ارتفعت أصواتهما ولا يكاد أحدهما يغلب
صاحبه، فقال الجعابي: عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي، فقال: الطبراني:
هاته، فقال الجعابي: حدثنا أبو خليفة حدثنا سليمان بن أيوب، وحدّث بالحديث
فقال الطبراني: أنا سليمان بن أيوب ومني سمع أبو خليفة فخجل الجعابي وغلبه
الطبراني، قال ابن العميد: فوددت أن الوزارة والرئاسة لم تكن لي وكنت أنا
الطبراني وفرحت مثل الفرح الذي فرح الطبراني لأجل الحديث.
وقال أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن: الطبراني أشهر من أن يُدَلَّ على
فضله وعلمه حدث بأصبهان ستين سنة فسمع منه الآباء ثم الأبناء ثم الأسباط
حتى لحقوا بالأجداد، وكان واسع العلم كثير التصانيف، وقد ذَهَبَتْ عيناه في آخر
أيامه
مصنفات الطبراني ومؤلفاته
صنف الطبراني العديد من الكتب الممتعة النافعة وأشهرها معاجمه الثلاثة الكبير
والأوسط والصغير وكان يقول في معجمه الأوسط هو روحي لأنه تعب عليه،
وأيضًا له غير ذلك من المصنفات المفيدة مثل كتاب الدعاء وكتاب عشرة
النساء وكتاب المناسك وكتاب الأوائل وكتاب السنة، وكتاب النوادر ومسند
أبي هريرة وكتاب التفسير وكتاب دلائل النبوة، ومسند شعبة ومسند سفيان
وكتاب حديث الشاميين وغير ذلك كثير وفيه يقول القائل:
قد وجدنا في معجم الطبراني ... ما فقدنا في سائر البلدان.
وفاة الطبراني
بعد رحلته الطويلة في طلب الحديث عاد الإمام الطبراني إلى أصبهان وأقام
فيها فترة كبيرة من عمره إلى أن توفي بها في سنة 360هـ= 971م
وكان عمره حينئذ مائة سنة تقريبً.
منقول