قصيدة المواكب هي قصيدة شعرية نَظَمَها جبران خليل جبران، وطبعها في كتاب
كبير تُزيّنه بعض الرسوم الرمزية؛ إذ اتّبع في طباعتها أسلوب رُباعيّات الخيّام
لأنه وضعها في المعاني التي قصدها الخيّام، ومن الجدير بالذكر أنّ مُقدمة هذا
الكتاب التي كتبها نسيب أفندي تمتاز بتفسيرها للهدف من القصيدة الذي لم تفسّره
أبيات القصيدة نفسها؛ لذلك تُعَدّ من ألزم المقدمات، ومنها قوله:
"ليتصوّر القارئ قبل إقدامه على مطالعة الكتاب مرجاً واسعاً في سفح جبل،
هنالك يتلاقى رجلان على غير ميعاد، أحدهما شيخ والآخر فتى، الأول خرج من
المدينة والثاني من الغاب أمّا الشيخ فيسير بخُطى ضعيفة مُتوكِّئاً على عصاه
بيد مرتجفة وفي غُضون وجهه وشعره الشائب المُسترسل ما يدلّ على أنه عرك
الدهر وعرف أسرار الحياة ومخبآتها؛ فذاق منها مرارة أوصلته إلى التشاؤم منها
يصل هذا الشيخ إلى المرج، فيستلقي هنالك على العشب قصْد الراحة، وإذا فتى
جميل غضّ الإهاب قد لوّحت الشمس بشرته وأكسبته الحياة جذلاً وانبساطاً، خرج
من الغاب يحمل نايه فيسير حتى يصل إلى مكان راحة الشيخ فيضطجع بجانبه،
فلا تمرّ دقيقة سكون إلّا تراهما قد بدآ بالحديث، فيأخذ الشيخ بإبداء نظراته في
الحياة كما يراها طرفه المتشائم وخبرته المحنّكة، فيردّ عليه الفتى شارحاً عن
الحياة كما تراها عينه الجذلة المتفائلة"، حيث رمز جبران للطبيعة وتأثيراتها
المتعددة على الإنسان باستخدام لفظ (الغاب) في رائعته هذه. والآتي ذكر لبعض
أبيات هذه القصيدة:
هل فرشْتَ العشبَ ليلاً وتلحّفْت الفضا زاهداً في ما سيأتي ناسياً ما قد مضى
وسكوتُ الليل بحرٌ مَوْجُهُ في مسمعك وبصدر الليل قلبٌ خافق في مضجعك
أعطني الناي وغنّ وانسَ داءً ودواء إنّما الناس سطورٌ كُتِبَت لكن بماء