كانت صبيحة سيدة نابهة الذكر قوية الشخصية ... من ربات النفوذ والسلطان
والادارة والسياسة ... وقد عم سلطانها على بلاد الأندلس فترة طويلة . وكان
لها تأثير بالغ فى مجرى الأحداث السياسية .
فقد ارتبط اسم صبيحة بالنهضة العلمية والاقتصادية فى عهد زوجها الخليفة
الحكم المستنصر بالله ... وعندما مرض المستنصر وأوشك على الموت ...
دعت صبيحة الى عقد مجلس كبير ضم الاشراف والاعيان وقادة الجند فى
الاندلس وفى ذلك الاجتماع قرأ الخليفة على الحاضرين صيغة اقرار بقبولهم
تولى ابنه هشام الخلافة من بعده ... وكان هذا الاقرار هو ذروة الجهد الذى
قامت به صبيحة . فقد تمكنت من تأمين الخلافة لأبنها هشام بن الحكم وعمره
لايتجاوز الحادية عشرة ... بينما أبعدت شقيقه المغيرة بن الحكم وكان شابا
فى السادسة والعشرون من العمر .
وبعد وفاة الخليفة المستنصر ... تولى الخلافة ابنه هشام تحت وصاية والدته
صبيحة التى دبرت مؤامرة قضت فيها على المغيرة بن الحكم ومن التف حوله
من الأعوان .
وبموت المغيرة انفردت صبيحة بحكم الأندلس وأصبحت ملكة فعلية تدير سياسة
الأندلس ... فقامت بتخفيض الضرائب على الناس ... ركزت نشاطها فى مجال
الصحراء والاقتصاد وضبطت الأمن وقضت الحاجات ... وقد جاء الى بلاطها
سفراء من مختلف دول العالم .
وظلت قائمة على رأس الحكم تدير شئون البلاد بكل جدارة وهى تعارك الدهر حتى
توفيت عام 398 هجرية ... حيث بدأت الأندلس تتدهور بعدها شيئا فشيئا ...
وأصبحت تشهد أيام الذل بعد أن عاشت أيام العز والمجد .