كان دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة الكلبي أحد الصحابة السابقين إلى الإسلام
وقيل أنه شهد المشاهدات كلها بعد غزوة بدر، وقد كان رضي الله عنه يتسم بحسن
الخلق ورجاحة العقل، وقد روى النسائي بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله
عنهما أن جبريل عليه السلام كان يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة
دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه .
كان دحية الكلبي شديد الحب الى الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل في
الدين الإسلامي فقد كان يقوم بزيارته أكثر من مرة، ويقدم له الكثير من الهداية .
دخل دحية الكلبي في الإسلام قبل غزوة بدر إلا أنه لم يشهدها ويقال أن أول غزوة
قد شارك بها دحية الحلبي هي غزوة الخندق، وهناك من يقول بأنها كانت غزوة
أحد، وقد شارك دحية في معركة اليرموك خلال السنة الخامسة عشر للهجرة .
لم تتوافر لدينا معلومات كثيرة بشأن حياة دحية الكلبي، ولكن عُرف عنه زواجه
ببنت أبي لهب بعد أن توفي زوجها الحارث بن عامر بن نوفل، وقد كان دحية
رضي الله عنه رسولٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أرسله النبي إلى هرقل
قيصر الروم بعد صلح الحديبية لدعوته إلى الإسلام .
أرسل النبي صلى الله عليه والسلام الصحابي الجليل دحية الكلبي إلى هرقل ملك
الروم لدعوته إلى الإسلام، وقد كان هرقل نصرانيًا وقارئًا للإنجيل ويعلم المبشرات
التي جاء بها عيسى عليه السلام وأن هناك نبي سيتم إرساله إلى الناس يدعى
أحمد كما ورد بـ الإنجيل، لهذا السبب عندما جاءته الرسالة من الرسول صلى الله
عليه والسلم أصيب بالحيرة وجمع القساوسة لاستشارتهم في الأمر .
قال لهم هرقل أن ذلك الرسول الذي نزل بأرض العرب يريدنا إما أن نتبع دينه أو
نلقي إليه الحرب أو ندفع الجزية وقد اقترح عليهم إما أن يتم اتباعه أو دفع الجزية
لهم ، فغضب قومه وثاروا عليه، فلما رأى منهم ذلك أمر بإرسال رسالة إلى النبي
صلى الله عليه وسلم مع رجل من نصارى العرب يدعى التنوخي ، وطلب منه أن
يذهب مع دحية الكلبي .
أشار هرقل إلى التنوخي أن يدقق في ثلاثة أشياء عند مقابلة النبي صلى الله عليه
وسلم للتأكد من أنه رسول الله، وكانت تلك الأشياء هي أن يقوم النبي بذكر كتابه
الذي أرسله إليه، وأن يقوم بذكر الليل عند قراءة الكتاب الذي أرسله هرقل إليه،
وأن يرى علامة بين كتفي الرسول صلى الله عليه وسلم وعندما ذهب التنوخي
إلى النبي تحققت كافة وصايا هرقل أمام عينيه .
هناك بعض الأدلة التي أثبتت صحة نزول الملك جبريل عليه السلام بصورة الصحابي
الجليل دحية الحلبي، ومن أبرز تلك الأدلة :
– عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ” كان النبي صلي الله عليه وسلم يحدث
رجلاً، فلما قام، قال: يا أم سلمة، من هذا؟” فقلت: دحية الكلبي، فلم أعلم أنّه
جبريل حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدّث أصحابه ما كان بيننا ” .
– روى الطبراني من حديث عفير بن معدان عن قتادة عن أنس رضى الله عنه أنّ
الرسول صلى الله عليه سلم قال: ” كان جبريل يأتيني على صورة دحية الكلبي
وكان دحية رجلاً جميلاً ” .
– قال عبد الله بن صالح العجلي ، قال رجل لعوانة بن الحكم : أجمل الناس جرير
بن عبد الله البجلي . فقال : بل أجمل الناس من نزل جبريل على صورته ، يعني
دحية .
استقر دحية الحلبي رضي الله عنه في دمشق بقرية المزة وذلك بعد أن شهد عصر
خلافة معاوية بن أبي سفيان، ويرجح عدد من العلماء أن دحية الحلبي قد وافته
المنية في فلسطين بقرية تدعى الشجرة، إلا أنه يؤكد غالبية العلماء أن وفاته كانت
في قرية المزة بـ دمشق والتي تحتوي على قبره حتى الآن .