أنا أسمي رحلة الحج رحلة الأحلام، أو رحلة تحقيق الأحلام
فالله عز وجل ما اختارك من بين الناس ودعاك إلى حضرته ولتزوره
في بيته فقط من أجل إسقاط الفريضة عنك... أبدا أبدا.
إنما دعاك ليكرمك، ويخلع عليك من سابغ نعمه وواسع كرمه، وعظيم
فضله، دعاك ليسعدك، ويحقق لك كل أمانيك وكل أحلامك.
عن جابر رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: [الْحُجَّاجُ والعُمَّارُ وفدُ
اللهِ، دعاهم فأجابوهُ، وسألوهُ فأعطاهم](حسنه الألباني في صحيح الجامعْ.
والدمياطي والمنذري وقال الهيثمي رجاله ثقات).
اطلب ماذا تتمنى.. ماذا تريد.. ماذا تشتهي.. ما هي أمنياتك.. ما هي أحلامك؟
تريد أن يغفر الله لك؟
الحج رحلة المغفرة.. الحج يهدم كل ما كان قبله.. ما عليك إلا أن تتوب
وتحج حجا مبرورا.
روى مسلم في صحيحه عن عمرو بن العاص قال: [لما جعل الله الإسلام
في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك. فبسط
يمينه. قال فقبضت يدي. قال: "مالك يا عمرو؟" قال قلت: أردت أن أشترط.
قال: "تشترط بماذا؟ "قلت: أن يغفر لي. قال: "أما علمت أن الإسلام يهدم
ما كان قبله؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله؟].
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم:
[من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه].
وهذا مما يستدل به على أن الحج المبرور يغفر الله به الصغائر والكبائر جميعا
، لأنه يعود بعده من الذنوب كيوم ولدته أمه، والمولود تكون صحيفته بيضاء
ليس فيها أي شيء لا كبائر ولا صغائر.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأنصاري والثقفي: [فلو كان
عليك مثلُ رملِ عالجٍ أو مثلُ أيامِ الدنيا أو مثلُ قطرِ السماءِ ذنوبًا غسلها اللهُ
عنك](صحيح الجامع:1360).
تريد الغنى والرزق؟
قال عليه الصلاة والسلام: [تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر
والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة](رواه الترمذي)
تريد الجنة؟
قال عليه الصلاة والسلام: [العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج
المبرور ليس له جزاء إلا الجنة] (متفق عليه).
حتى الدنيا هنا:
من كان يريد إصلاح ولده، من كانت تريد هداية زوجها، من كان يريد
إصلاح زوجته، من كان يريد وظيفة، من كان لا ينجب ويريد ذرية، من
كان مريضا يريد الشفاء، من كان.. من كان.
ادعو الله فالأدعية هنا مستجابة: في عرفة، في مزدلفة، عند الصفا والمروة،
عند الملتزم، بعد شرب ماء زمزم.. إنها فرصة العمر فلا تضيعوها.
فإن كنت من حجاج هذا العام فهيئا لك، وإن تمنيت ولم توفق فأسأل الله أن
يكتب لك الأجر بنيتك، وأن تكون ممن قال فيهم القائل:
يا راحلين إلى البيت العتيق لقد .. سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا
إنا أقــمنا على عــذر نـكابــــده .. ومن أقام على عــذر فقــد راحـــا
نسأل الله أن يرزق الجميع حجا مبرورا، وسعيا مشكورا، وذنبا مغفورا