المتعة شعور ينتهي بانتهاء التجربة التي جلبته، فمثلاً نحن نستمتع بوجبة
شهية، لكن ذلك الاستمتاع ينتهي عندما ينقضي تناول الطعام(ولهذا يعمد
بعض الناس لالتهام الطعام بصورة مستمرة– حتى بعد أن يسدوا جوعهم!)
أما السعادة فتبقى إلى ما بعد زوال المصدر الباعث لها،فمثلاً أنت قد تعاني
الأمرين من كتابة مقال هام، لكنك تشعر بالراحة والاكتفاء فترة طويلة بعد
انتهائه
– هذه هي السعادة.
في كثير من الأحيان يصادف أحدنا ما يعتقده مصدراً لسعادته،لكنه لايكون
بالفعل غلا تجربة شقاء مديدة مموهة على هيئة متعة مؤقتة ..
ويتعلم معظما مع تقدم العمر والتجربة أن ما يتمنونه في هذه الحياة الدائمة
التغيير هو ليس المتع الزائلة،وإنما السعادة التي تستمر بغض النظر عن
تبدلات الحظوظ والثروات..
حاول أن تجلب السعادة للغير – لكن بانتقاء
إن فعل الخير وتوفير السعادة للآخرين من أفضل الطرق لاسعاد أنفسنا وتحقيق
ذواتنا،لكنه قد يكون أيضاً طريقاً لضياع هويتنا..
فهناك من الناس من لايكف عن محاولة أرضاء الآخرين لأكثر من سبب نفسي
ومثالي وديني..
ولعل أكثر الأمثلة شيوعاً من هذه الناحية محاولاتنا المستمرة لارضاء والدنيا
اللذين قد يرغبان في تحديد مستقبلنا بامتهان اختصاص أو حرفة معينة ، أو
وراثة المسؤوليات العائلية مهما كان نوعها..
فإذا أردنا أن نحفظ استقلالية أنفسنا واحترامنا لذاتنا
(إذا أردنا أن نرعى سعادتنا الحقيقية)،فعلينا أن نعرف كيف نتصرف بحكمة
تجاه الأذعان لرغبات الآخرين،حتى ولو كانوا من أعز الناس لدينا ..
فالأم التي تستمر في خدمة أولادها(تغسل ملابسهم وتنظيف غرفهم)حتى بعد
سن البلوغ والرشد،لاتحقق المنفعة والسعادة لهم ولا لنفسها على المدى الطويل
والابن الذي يقسر نفسه على تعلم مهنة يريد له والده أن يمتهنها وهو يعلم أنه
يكرهها أو أنه غير كفء لها،إنما يجلب التعاسة بالنتيجة لنفسه ولوالده معاً.
وحتى نعرف إذا كنا نتصرف بحكمة تجاه تحقيق رغبات الآخرين