إنّ من بلاغةِ القرآن الكريم أنّه لم يُثْبَتْ فيه حرفٌ أو يحذَفْ إلا لغرضٍ
دلاليٍّ، ومن ذلك قولُ الله تعالى:
{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِى ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يَٰلَيْتَنَآ أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولَا۠ •
وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلَا۠}. [الأحزاب ٧٦-٧٧].
فقد مدَّ (الرّسولَ) و (السّبيلَ) مع أنّ القياسَ لا يقتضي المدَّ، كما لم يمدَّ
(السّبيلَ) في أوّلِ السُّورةِ عندما قال: {وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِى ٱلسَّبِيلَ}.
والفرق بينهما أن آيتَيِ المدِّ هما من قول أهل النار وهم يصطرخون فيها
ويمدّون أصواتهم بالبكاء،
فالمَقامُ هنا مقامُ صراخٍ ومدِّ صوتٍ فناسبَ المدَّ،
بينما الآيةُ الأخرى هي قولُ الله مقرِّرًا حقيقةً عقليةً معلومةً {وَٱللَّهُ يَقُولُ
ٱلْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ}، فالمقام لا يقتضي المدَّ هنا بخلافِ ذلك.
بلاغة الكلمة في التعبيرالقرآني للسّامرائيِّ