عرف البكاء منذ فجر التاريخ وارتبط بمشاعر الإنسان، وهو شائع في مختلف
الأعمار والأجناس والبيئات ولعل من الأخطاء الشائعة اعتبار البعض البكاء دليلاً
على ضعف الإنسان مع أنه عملية طبيعية يجب أن لا نخجل منها، وذلك لأن
استجابة طبيعية لانفعالاتنا الداخلية، ويكفى أن نعلم أننا جميعاً إذا تعلمنا كيف نجعل
دموعنا تسيل فإننا بذلك نكون قادرين على التخلص من بعض أدويتنا، وهنا يتبادر
إلى الذهن سؤال مُلِّح وهو. هل البكاء عيب ؟ وهل التعبير عن المشاكل والانفعالات
ضعف ؟
ينصح العلماء بالتعبير والإفصاح عن الأفعال وعدم كبتها حيث وجد العلماء أن البكاء
يريح الإنسان من الضغوط المُعرض لها إذ يُخلِّص الجسم من الكيماويات السامة
التى تكونت نتيجة الضغوط والانفعالات.
فالدموع تغسل العين وتنظفها من كل جسم غريب وضار بها، فهي تعمل كأحد أنظمة
طرح النفايات خارج الجسم.
أما كبت الدموع وعدم إظهار الانفعالات فإنها تؤدى إلى الكثير من الأمراض مثل
الطفح الجلدي أو إصابة الجهاز التنفسي أو الجهاز المعوي أو المعدي مثل قرحة
المعدة أو إصابة القولون.
فالإنسان الذي يبكى هو الذي يُمزِّق كل الأقنعة وكل الاعتبارات وكل الأدوار
الاجتماعية.
وقد أثبتت الإحصائيات أن البكاء يختلف باختلاف المجتمعات … فهناك شعوب
لا تبكى كثيراً مثل الشعب الفرنسي الذي لا يبكى فيه إلا 8% فقط والسبب الحب .
دموع … ودموع
هذه السوائل التى تخرج من مآقينا حينما تُلِّم بنا الأفراح أو الأتراح ما كنهها ؟
وما حقيقتها ؟؟ إنها ليست إلا سائلاً غامضاً ساحراً يجعل البريق في عيوننا يستمر.
إنها الدموع … وما أدراك ما الدموع ؟
وهى أنواع … فهناك دموع الآلام … ودموع الإثارة والانفعال ودموع التماسيح
والدموع الطبيعية التى ُتذرف نتيجة بعض التهيجات العضوية في العين. وهناك
الدموع الصِّحية وهى دموع إجبارية وثابتة في نوعيتها وكميتها، كما أنها تخرج
بسرعة عن طريق الفم، وليس هناك أدنى خوف من هذه الدموع التى تذرفها العين
بغزارة. وإنما الخوف كل الخوف من العين ( الجافة ) …
وهى تلك العين التى لا تذرف الدموع والتي دُربت على عدم البكاء وتخاف من
الوقوع زلة له … وعوضاً عن ذلك تقع فيما هو أسوأ وهو الإصابة بقرح مُعدية
ولهذا السبب نجد أن نسبة الرجال الذين يصابون بهذا المرض بل بالعديد من
الأمراض يفوق نسبة النساء اللاتي يصبن به.
وقد أجريت الأبحاث الحديثة على هذا السائل لفهم تركيبها ومحتوياتها. وقد بدأ
الباحثون في فهم عملية الدموع منذ حوالي خمسة عشر عاماً،فالدموع تركيبة
كيماوية معقدة؟ وهى سائل ملحي المذاق … تفرز من غدد بالعين تُسمى بالغدد
الدمعية LACRIMAL GLAND.
وتوجد في كل عين غدة دمعية من أعلى خلف الجفن، وهى في حجم اللوزة، وتفرز
السائل خلال قنوات صغيرة عديدة في الجانب الأسفل من الجفن … من
( 10 – 15 قناة صغيرة تفتح على سطح الملتحمة المغطى للفص الجفني
العلوي ).
ســـؤال وجـــواب:
ومن هنا يجئ التساؤل عما إذا كانت هناك علاقة بين عدم ذرف الدموع والإصابة
بالمرض ؟
والإجابة بالطبع: كما يقول العالم الأمريكي ( وليم فرى ): " بدون شك فالدموع
تعمل على إخراج المواد السامة التى تولدها بعض حالات الانفعال. ولذا فإن حبس
الدموع يُعرض الإنسان للإصابة بالتسمم البطيء ".
علاوة على ما ذكرنا آنفاً من تعرِّضه للإصابة بالقرح المعدية وغيرها من الأمراض
التى سنتحدث عنها لاحقاً في حينها.
إفـــرازات الدمـــوع
تومض العين ست عشرة مرة في الدقيقة، ومع كل ومضة لجفن العين فإنها تسحب
قليلاً من سائل الغدد. وعندما يشعر الإنسان ببعض الانفعال مثل الحزن أو الغضب
أو السعادة البالغة تضيق العضلات التى حول الغدد الدمعية وتعصر السائل الدمعي.
ويحدث الشيء نفسه إذا ضحك الإنسان من أعماقه … وبمرور الدموع فوق مقلة
العين تنساب خلال قناة دمعية تفتح في الركن الداخلي من كل عين وتقود إلى جيب
دمعي … ثم إلى مجرى أنفى … وتجرى هذه القناة على امتداد الأنف ثم تفتح
داخلها. ولعل هذا يُفسر سيلان الأنف عند جريان الدموع من هذه الفتحة.
طبقــــات الدمــــوع
إذا نظرنا إلى الدموع من الناحية التشريحية … نجد أنها تتكون من طبقات، فقد
توِّصل الباحثون إلى أن العين مُغطاة بثلاث طبقات من الدموع.
• طبقة ميكويد ( Mucoid ) ( inner mucin layer) :وهى التى
تُمكِّن الدمع من الانتشار على القرنية، وهى تأتى من خلايا على سطح العين.
• طبقة مائية متوسطة: ( Midlle aqueous layer):وهى التى تحفظ
سطح العين مبللاً والرؤية سليمة.
• الطبقة الثالثة ( Outer lipid layer) :وهى طبقة خارجية زيتية من
المُعتقد أنها تعوق التبخر وهى تُفرز عن طريق غدد صغيرة على حواف الجفن.
وكما أن الدموع طبقات من الناحية التشريحية فهي كذلك طبقات من الناحية
الفلسفية … فالنساء تملك نسبة 67% من مجال إمكانية تساقط الدموع في كل
الأوقات والمناسبات حتى السعيدة منها … كما أن نسبة 62% ممن يعملون
في الزراعة والأرض لا يعرفون الدموع.
أما أصحاب المراكز العليا فنسبة صفر % إلى 23% فقط هم الذين يمكن أن
تنزل دموعهم لأسباب هامة وخاصة جداً.
والدراسة التى أثبتت ذلك تؤكد أنه بتلك النسب فإن البشر في نهاية هذا القرن
سيعانون ( من الأمية ) في الأحاسيس والجهل بالمشاعر.